تندرج هذه المسألة تحت شروط رأس مال المضاربة وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أن المضاربة تجوز بالنقود ولا تجوز بالعروض إلا أن بعضهم أجازها على كل مال (نقدا وعروضا) بشرط أن تقوم العروض وتجعل قيمتها المتفق عليها رأس مال المضاربة.
فقد منع الحنفية والمالكية والشافعية جعل العروض مثلية أو قيمية رأس مال المضاربة لأن قيمة العروض غير ثابتة وهي عرضة للزيادة والنقصان , وذلك مما يؤدي إلى عدم التمكن من تقدير رأس المال بدقة عند تصفية المضاربة , وهو ما ينتج عنه جهالة الربح وقت القسمة فقد تقوم العروض بأكثر من قيمتها الحقيقية وهو ما يؤدى إلى اختصاص رب المال بجزء من الربح زائد عما شرط له , أو بأقل من قيمتها وهو ما يؤدي إلى أخذ المضارب جزءا من رأس المال , وكلا الأمرين ممنوع في المضاربة.
أما الحنابلة فإنه يجوز عندهم المضاربة بالعروض وذلك بأن تقوم عند العقد وتجعل قيمتها المتفق عليها رأس مال للمضاربة بحيث يعيد المضارب هذه القيمة نقدا عند انتهاء المضاربة.
وبهذا القول فلن يختص رب المال بجزء من الأرباح كما لا يأخذ المضارب جزءا من رأس المال لأن اتفاق الطرفين هو رد المضارب قيمة ما أخذه من العروض عند التعاقد (وليس قيمة العروض عند التصفية) , وهذا يقطع النزاع ويقلل الغرر لأن الفرق في رأس المال (العروض) بين قيمتها وقت الدخول في المضاربة ووقت تصفيتها زيادة أو نقصا يكون هو ما حققته المضاربة ربحا أو خسارة.
ففي حالة ارتفاع قيمة العروض يوم التصفية عن قيمتها يوم العقد , فإن الطرفين يشتركان في الفرق ما بين القيمتين بالقدر المتفق عليه.
أما في حالة انخفاض قيمة العروض يوم التصفية , فانه يتم جبر رأس المال بمقدار هذا الانخفاض من الأرباح المتحققة لأن الربح وقاية لرأس المال , أو يتحمل رب المال هذه الخسارة عند عدم تحقق أرباح لأن المضارب لا يتحمل من الخسارة شيئا سوى جهده وعمله.
وعلى هذا الأساس , يجوز المشاركة بأعيان في رأس مال الصناديق الاستثمارية على رأي من أجازها من الأئمة طالما وجدت مصلحة فيها بشرط أن توضع الشروط التي تقطع النزاع بقدر الإمكان وتقلل الغرر.
وهذا ما جاء في فتوى المستشار الشرعي للبنك الإسلامي الأردني:
" أن جمهور الفقهاء ذهبوا إلى أن المضاربة تجوز بالنقود ولا تجوز بالعروض إلا أن بعضهم أجازها على كل مال (نقدا أو عروض تجارة) بشرط أن تقوم العروض , وعليه فإن هذه الصورة المذكورة في السؤال مضاربة , وهي جائزة بالعروض على رأي من أجازها من الأئمة "