حيث تعتبر الوحدة الاستثمارية حصة شائعة في موجودات الصندوق , فلا يوجد مانع شرعي للتصرف في هذه الحصة بالبيع والشراء وغيرها من التصرفات , فالشريعة الإسلامية كما تجيز التصرف في مجموع المال تجيز التصرف في الحصة الشائعة.
وبالنسبة للأسعار التي تباع بها الوحدات الاستثمارية , فالأصل أن يتفق عليها بالتراضي بين الطرفين سواء كانت بالقيمة السوقية أو أكثر من ذلك أو أنقص لأنه من قبيل بيع حصة شائعة في موجودات الصندوق بالتراضي , وقد جاء في فتوى الحلقة العلمية الأولى للبركة أنه يجوز شرعا خروج صاحب حصة في صندوق استثماري بالقيمة التي يعرضها الصندوق ويقبلها الخارج بصرف النظر عن الطريقة المحاسبية التي يصل إليها الصندوق في تقييم هذه الحصة.
كما أجاز قرار مجمع الفقه الإسلامي تداول الأوراق المالية وفقا لظروف العرض والطلب ولإرادة المتعاقدين.
ولكن يجب عند التسعير مراعاة الأحكام الخاصة بموجودات الصندوق في كل حين فقد تشمل هذه الموجودات أحيانا خليطا من نقود وديون وأعيان ومنافع , وقد تشمل أحيانا أخرى بعضا من هذه المكونات منفردة فتختلف حينئذ أحكام التصرف في الوحدات , ويمكن حصر أربع حالات أساسية لموجودات الصندوق تؤثر في ضوابط تدول الوحدات.
أ - أن تكون أكثر موجودات الصندوق نقودا
تتجسد هذه الحالة عند بداية طرح الصندوق الاستثماري وقيام المضارب بتسلم رأس مال المضاربة أثناء فترة الاكتتاب , فتتكون موجودات الصندوق حينئذ من الأموال النقدية المجتمعة من حصيلة الاكتتابات في رأس المال.
وتمتد , فترة الاكتتاب عادة في الصناديق الاستثمارية من بضعة أيام إلى شهر أو شهرين حسب مدة الصندوق نفسه , ولا يتم خلالها احتساب الأرباح للأوراق المالية لأن رأس مال الصندوق لا يزال نقدا ولا يبدأ استثماره إلا من تاريخ غلق الاكتتاب.
كما أن موجودات الصندوق تكون نقودا في بداية تشغيل الصندوق إذا لم يتم استثمار الأموال وتحويلها من نقود إلى عمليات استثمارية (أصول ومنافع) .
وفى هذه الحالة التي تكون موجودات الصندوق نقودا سواء أثناء فترة الاكتتاب أو بعدها فإنه لا يجوز تداول الوحدات بالبيع والشراء إلا وفق أحكام الصرف لأنه مبادلة نقد بنقد.
وحيث إنه يشترط في الصرف التماثل فليس للمشارك في الصندوق في هذه المرحلة أن يطالب المضارب بأي ربح إذا رغب في بيع الوحدات التي في حوزته , ولا يجوز أن تباع إلا بقيمتها الاسمية دون زيادة أو نقص ويعتبر هذا البيع إقالة أو فسخا لعقد المضاربة أي للاكتتاب وليس عقدا جديدا.
وتنطبق ضوابط التداول المشار إليها كذلك عند نهاية مدة الصندوق إذا ما تحولت موجوداته إلى نقود.
وهذا ما يحصل غالبا قبل تاريخ التصفية فلا يجوز تداول الوحدات إلا بما يساوي حصتها من النقود التي تمثل القيمة الفعلية لموجودات الصندوق بعد تنضيضها وليس القيمة الاسمية للورقة المالية لأن النقد لا يباع بالنقد إلا متساويا.
ب - أن تكون أكثر موجودات الصندوق ديونا
تكون موجودات الصندوق ديونا في حالة استثمار أموال الصندوق في عمليات البيع الآجل (سواء بيع المساومة أوبيع المرابحة) أو في عمليات بيع السلم.
وذلك لأن قيام المضارب بشراء بضائع وأصول ثم بيعها بالأجل يجعل مكونات الصندوق تتحول مباشرة إلى ديون في ذمة المتعامل معهم.
كما أن قيام المضارب بدفع رأس مال الصندوق في عمليات بيع السلم يجعل مكونات الصندوق تتحول إلى ديون لأن المسلم فيه قبل قبضه يعد , دينا في ذمة البائع.
وفي هذه الحالة تمثل الوحدات ديونا ويخضع تداولها لأحكام التعامل بالديون , والجمهور يمنعون بيع الديون ورهنها أما المالكية فإنهم يرون جواز بيع الدين للمدين به بما يساويه من النقود بشرط أن تكون النقود مقبوضة في الحال , أما إذا بيع الدين لغير المدين به فإنه يباع بمثله وجنسه (حوالة الدين) أو يباع متفاضلا بغير جنسه , فإن كان الدين نقودا أمكن بيعه بسلعة , أو بنقد يختلف عن الدين في جنسه , وعلى ذلك فإن بيع الوحدة التي تمثل دينا في الذمة يخضع لهذه الأحكام.
ج - أن تكون موجودات الصندوق أعيانا أو منافع
تتجسد هذه الحالة بعد تشغيل الصندوق وقيام المضارب بتحويل حصيلة الاكتتابات التي تمثل رأس مال الصندوق في شكله النقدي إلى أعيان ومنافع , وذلك كأن يشتري المضارب معدات وآلات وأصولا مختلفة لتأجيرها أو أن يشترى قطعة أرض لاستصلاحها أو البناء عليها وتأجيرها.
وسواء كانت موجودات الصندوق أعيانا فقط أو منافع فقط أو أعيانا ومنافع معا , فإن الوحدات تمثل حصة في أعيان مالية ويجوز بالتالي تداولها دون أي قيد أو شرط.
د - أن تكون موجودات الصندوق مختلطة
في هذه الحالة تمثل الوحدات حصة شائعة في مجموعة موجودات الصندوق المتكونة من نقود وديون وأعيان ومنافع.
والتوجه العام هنا أن تعامل هذه الأوراق المالية مثل معاملة الأسهم في الشركات بحيث يمكن تداولها بالبيع والشراء بتراضي الطرفين وبالقيمة التي يتفق عليها سواء كانت أقل أو أكثر من القيمة الاسمية المعلنة وذلك تبعا للنتائج التي يحققها الصندوق.
ولكن هذا التعامل مشروط عند بعض الفقهاء بأن تكون الأعيان والمنافع غالبة على النقود والديون لأن الشريعة الإسلامية تجعل الحكم للغالب , وهذا ما أخذ به قرار مجمع الفقه.
بينما اكتفى البعض الآخر بوجود الخلطة وكثرة الأعيان دون اشتراط الغلبة وذلك أخذا بمبدأ التبعية لأنه يجوز تبعا ما لا يجوز استقلالا , وذهبت فتاوى مجموعة البركة إلى هذا الرأي الأخير.