للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد يظن البعض أن بيع المرابحة للآمر بالشراء من البيوع التي استحدثت بعد نشأة المصارف الإسلامية. والصحيح أنه من الصيغ التي عرفها الفقه الإسلامي مبكرا. وتناولتها جل المذاهب الفقهية وبينت أحكامها وشروط صحتها. ونورد فيما يلي عباراتهم عن مشروعية هذه الصيغة.

أقوال الفقهاء في بيع المرابحة /٥٠ قال محمد بن الحسن الشيباني: (قلت أرأيت رجلا أمر رجلا أن يشتري دارا بألف درهم , ومائة درهم , فأراد المأمور شراء الدار , ثم خاف إن اشتراها أن يبدو للآمر فلا يأخذها , فتبقى في يد المأمور , كيف الحيلة في ذلك؟

قال يشتري المأمور الدار على أنه بالخيار ثلاثة أيام ويقبضها. ويجيء الآمر (ويبدأ) فيقول: قد أخذت منك هذه الدار بألف ومائة درهم. فيقول المأمور: وهي لك بذلك. فيكون ذلك الأمر لازما ويكون استيجابا مكن المأمور للمشتري. وإن لم يرغب الآمر في شرائها تمكن المأمور من ردها بشرط الخيار فيدفع عنه الضرر بذلك) .

وقال الإمام الشافعي: وإذا أرى الرجل الرجل السلعة فقال: أشتر هذه وأربحك فيها كذا , فاشتراها الرجل , فالشراء جائز. والذي قال أربحك فيها بالخيار , إن شاء أحدث فيها بيعا وإن شاء تركه. وهكذا إن قال اشتر لي متاعا ووصفه له أو متاعا أي متاع شئت وأنا أربحك فيه , فكل هذا سواء. يجوز البيع الأول , ويكون هذا فيما أعطى من نفسه بالخيار وسواء في هذا ما وصفت إن كان قال ابتاعه واشتريه منك بنقد أو دين , يجوز البيع الأول ويكونان بالخيار في البيع الآخر. فإن جدداه جاز وان تبايعا به على أن الزما أنفسهما الأمر الأول فهذا مفسوخ من قبل شيئين: أحدهما: تبايعاه قبل أن يملكه البائع , والثاني: أنه على مخاطرة أنك أن اشتريه على كذا أربحك فيها (الأم ٣ / ٣٣)

وفي الموطأ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيعتين في بيعة. وقال مالك بلغني أن رجلا قال لرجل ابتع لي هذا البعير بنقد حتى ابتاعه منك إلى أجل فسأل عن ذلك عبد الله بن عمر فكرهه ونهى عنه.

هذا وإن الذين تناولوا بيع المرابحة للآمر بالشراء من الأقدمين وبينوا أحكامه اشترطوا لصحته عدم الزام الآمر بوعده. ولذلك جعلوا له الخيار في إمضاء البيع المتواعد عليه أو رده. والمقصود من إعطاء الخيار للآمر عند هؤلاء الأئمة الأعلام هو تفادي المحظورات الشرعية التي تترتب على الإلزام وهي:

(أ) بيع الإنسان ما ليس عنده.

(ب) بيعتان في بيعة.

(ج) سلف بزيادة.

حالات تطبيق المرابحة لدى المصارف الإسلامية /٥٠ وقد يقع التساؤل هل تطبق المصارف الإسلامية ومؤسساتها الفرعية عقود بيع المرابحة؟

والإجابة بالطبع نعم. وفيما يلي بعض الحالات التي يطبق فيها هذا البيع.

(أ) إذا اشترى المصرف سلعة تنفيذا لاتفاق بينه وبين الآمر في بيع المرابحة للآمر بالشراء. واستخدم الآمر الخيار المتاح له وعدل عن شراء السلعة بعد أن تملكها المصرف في هذه الحالة تبقى السلعة في ملكية وحيازة المصرف وله أن يتصرف فيها بكل التصرفات الجائز في الشريعة الإسلامية ومن تلك التصرفات الجائزة أن يبيعها لأي عميل آخر عن طريق بيع المرابحة.

(ب) إذا دخل المصرف في عمليه مشاركة مع أي عميل آخر , فهناك تفصيل:

(١) للشريكين أن يبيعا موجودات المشاركة عن طريق بيع المرابحة أو المساومة.

(٢) إذا أراد المصرف أن يبيع نصيبه في المشاركة لشريكه أو لطرف ثالث فله أن يبيع هذا النصيب بأسلوب المرابحة أو المساومة.

(٣) كذلك إذا المصرف أن يشتري نصيب شريكه قله أن يشتريه بالمرابحة.

(ج) هناك بعض مصارف لها فروع متخصصة في تمويل الحرفين والمهنيين والأسر المنتجة وتقوم هذه الفروع بتوفير المعدات التي تحتاجها هذه الفئات وعادة ما يتم البيع لهذه الفئات من هذه الفروع عن طريق بيع المرابحة.

(د) معظم المصارف الإسلامية لها شركات متخصصة تعمل في مجالات مختلفة منها شركات صناعية وزراعية وعقارية وخدمية وتقوم بتوفير عدد من السلع والخدمات.

وغالبا ما تبيعها للجمهور عن طريق بيع المرابحة وغيره من أنواع البيوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>