يعتب الذهب والفضة في الشريعة الإسلامية أثمانا , لا فرق في ذلك بين مضروبهما أو تبرهما أو مصاغهما.
وقد اصطلح الفقهاء على تسمية بيع الذهب بالذهب أو الفضة بالفضة مراطلة , وعلى تسمية بيع الذهب بالفضة أو بأي ثمن آخر أو العكس صرفا. واشترطوا في المراطلة المماثلة في الوزن والحلول والتقابض في مجلس العقد , واشترطوا في الصرف التقابض في مجلس العقد فقط.
وأصل ذلك ما رواه الإمام أحمد ومسلم عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل سواء بسواء يدا بيد , فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد.
ولكن لا يفرق عامة الفقهاء في الأحكام بين أن يكون الذهب مضروب ومنقوش وجيد وردئ وصحيح ومكسر وحلي وتبر وخاص ومغشوش , وقالوا بأنه يدخل في الذهب جميع أنواعه وقد نقل النووي وغيره الإجماع على ذلك.
وعلى هذا الأساس لا بد عند مبادلة الذهب بعضه ببعض من مراعاة شرطي الحلول (الفورية) والتماثل فلا يجوز مبادلة الذهب المصوغ بذهب مصوغ أكثر مقدارا منه لأنه لا عبرة في مبادلة الذهب بالذهب بالجودة أو الصياغة.
وخلافا لذلك ذهب ابن القيم إلى جواز بيع الذهب المصوغ بالذهب غير المصوغ بزيادة وهو يشترط في ذلك فقط الحلول والتقابض في مجلس العقد ولا يشترط التماثل في القدر , واستدل على ذلك بأن الخاتم أو حلية النساء صارت بالصنعة المباحة من جنس الثياب والسلع لا من جنس الأثمان , وقال بأن العاقل لا يبيع هذه بوزنها من جنسها فإنه سفه وإضاعة للصنعة.
ودرس مجمع الفقه الإسلامي هذه المسألة ورأى عدم الحاجة للنظر فيها مراعاة لكونه لم يبق لها مجال في التطبيق العملي , لعدم التعامل بالعملات الذهبية بعد حلول العملات الورقية محلها , والعملات الورقية إذا قوبلت بالذهب تعتبر جنسا آخر فلا يشترط التماثل فيها وإنما يشترط فقط الفورية في تقابض البدلين.
أما المبادلة بين مقدار من الذهب ومقدار آخر أقل منه مضموم إليه جنس آخر (كالألماس وغيرها) , فقد أجاز مجمع الفقه الإسلامي هذه المعاملة على اعتبار أن الزيادة في أحد العوضين مقابلة بالجنس الآخر في العوض الثاني.
وكذلك يجوز البيع بالأجل في جميع الأحجار الكريمة والمعادن الثمينة من غير الذهب والفضة ولا مانع شرعا من ذلك. فلا يشترط فيها التقابض في مجلس العقد , ويجوز بيعها بالنقود إلى أجل , وعلى العموم لا يلحق حكمها بالذهب والفضة.
أما مبادلة الذهب بالورق النقدي فهي تعتبر في المصطلح الفقهي صرفا وهي مثلها مثل مبادلة الأوراق النقدية المختلفة بعضها ببعض , لا يشترط فيها التماثل فيصح التبادل بأي سعر يتم الاتفاق عليه بين الطرفين , ولكن تشترط الفورية في التقابض فلا يجوز التأخير في تسليم واستلام البدلين.
واتفق العلماء على أن القبض أمر مرده إلى العرف والعادة فأي طريقة يتم فيها الاستيلاء الكامل على العين محل العقد تعتبر قبضا.
وقد بحث العلماء وضع الشيك وهل يعتبر قبضه قبضا لمشموله مبرئا فأصدر مجمع الفقه الإسلامي برابطة العالم الإسلامي قرارا باعتبار قبض الشيك المعتبر قبضا لمحتواه. وقد وجد الخلاف بين فقهاء العصر في تفسير معنى الشيك المعتبر فذهب بعضهم إلى أن الاعتبار في الشيك أن يكون مصدقا من البنك المسحوب عليه لأن تصديقه يعني حمايته من الساحب أن يعود فيه كما يعني وجود رصيد كامل للساحب لتغطية سداد الشيك وهذا المعنى يعطي القناعة الكاملة بالقدرة على التصرف في مشمول الشيك في أي وقت يريده المستفيد منه وهذا معنى القبض.
وذهب آخرون إلى أن المراد بالشيك المعتبر هو أن يكون له رصيد في البنك المسحوب عليه لتغطيته.
ولكن هذا المعنى لا يعطي القناعة بالقدرة على تصرف المستفيد منه بمشموله. فلئن كان للساحب رصيد لتغطيته فقد يرجع الساحب في الشيك قبل قبضه وهذا الاحتمال الوارد ينفي عن هذا الشيك الثقة في القدرة على التصرف فيه وبالتالي فينتفي عن هذا الشيك معنى القبض وهو القدرة على قبض محتواه أو الأمر بقيده في حسابه.
والذي يظهر من قرار مجمع الفقه الإسلامي الصادر في الدورة التاسعة أن الشيك المعتبر والذي هو في معنى القبض هو الشيك المصدق. وتأسيسا على هذا فإذا اشترى الفرد ذهبا أو فضة بثمن آخر وبموجب شيك بذلك الثمن فإن كان مصدقا فقبضه قبض لمحتواه والمصارفة بذلك صحيحة. وإن كان غير مصدق فقبضه ليس قبضا لمشموله وبالتالي فقبضه ليس في حكم القبض المبرئ للذمة والمصارفة بموجبه غير صحيحة لأن التقابض في مجلس العقد غير محقق.
فمثل هذا الشيك غير المصدق - كما يقول الشيخ عبد الله المنيع - آفاته كثيرة منها احتمال سحبه على غير رصيد أو على رصيد لا يكفي لتغطيته أو لاحتمال رجوع ساحبه في سحبه قبل تقديمه للبنك المسحوب عليه فهذه العيوب تجعله غير أهل للاعتبار في القول بأن قبضه قبض لمحتواه.
وأما شراء الذهب ببطاقة الائتمان فنظرا إلى أن بطاقة الائتمان تعتبر مبرئة للذمة براءة كاملة بين المتصارفين وحق بائع الذهب بموجب بطاقة الائتمان ثابت كثبوت حقه في الشيك المصدق من حيث إن صاحب البطاقة حينما يوقع بموجبها على فاتورة الدفع لا يستطيع الرجوع في توقيعه ولا يستطيع مصدر البطاقة أن يتأخر عن سداد القيمة عند الطلب مهما كانت حال صاحب البطاقة. ونظرا لهذا فإن القول بصحة المصارفة ببطاقة الائتمان قول وجيه يؤيده أن معنى القبض متوفر فيها حيث يتفرق المتصارفان بموجبها وليس بينهما شيء.