قال في الهداية وفتح القدير (٥ / ٤٠٣)
والمكفول له بالخيار: إن شاء طالب الذي عليه الأصل , وان شاء طالب كفيله , لأن الكفالة ضم الذمة إلى الذمة في المطالبة , وذلك يقتضي قيام الأول , لا البراءة عنه إلا إذا شرط فيه البراءة , فحينئذ تنعقد حوالة , اعتبارا للمعنى , كما أن الحوالة بشرط أن لا يبرأ بها المحيل , تكون كفالة. ولو طالب أحدهما له أن يطالب الآخر , وله أن يطالبهما , لأن مقتضاه الضم , بخلاف المالك إذا اختار تضمين أحد الغاصبين , لأن اختياره تضمين أحدهما يتضمن التمليك منه , فلا يمكنه التمليك من الثاني أما المطالبة بالكفالة فلا تتضمن التمليك , فوضح الفرق.
قال النووي في المنهاج وصاحب مغني المحتاج (٢ / ٢٠٨)
وللمستحق مطالبة الضامن والأصيل , والأصح أنه لا يصح بشرط براءة الأصيل. ولو أبرأ الأصيل برئ الضامن , ولا عكس. ولو مات أحدهما حل عليه دون الآخر , وإذا طالب المستحق الضامن بالدين , فله مطالبة الأصيل بتخليصه بالأداء للدين المضمون له ليبرأ الضامن , إن ضمن بإذنه , لأنه الذي أوقعه في المطالبة , كما أنه يغرمه إذا غرم.
ومعنى التخليص , أنه يؤدي دين المضمون له ليبرأ الضامن.
وقال في المغني (٥ / ٥٤٧)
ولصاحب الحق مطالبته من شاء منهما.
وحكي عن مالك في إحدى الروايتين عنه: أنه لا يطالب الطالب إلا إذا تعذر مطالبة المضمون عنه , لأنه وثيقة , فلا يستوفي الحق منها إلا عند تعذر استيفائه من الأصل كالرهن.
ولنا: أن الحق ثابت في ذمة الضامن , فملك مطالبته كالأصيل ولأن الحق ثابت في ذمتهما , فملك مطالبته من شاء منهما , كالضامنين إذا تعذرت مطالبة المضمون عنه. ولا يشبه الرهن , لأنه مال من عليه الحق , وليس بذي ذمة يطالب , إنما يطالب من عليه الدين ليقضي منه أو من غيره.
قال الدردير في شرح متن خليل الشرح الصغير (٣ / ٤٣٨)
ولا يطالب الضامن , أي ليس لرب الدين مطالبته به , إن تيسر الأخذ لرب الدين من مال المدين: بأن كان موسرا غير ملد ولا ظالم. وهذا هو الذي رجع إليه مالك بعد قوله: رب الدين مخير في طلب أيهما شاء , ولو كان المدين غائبا , حيث كان الدين ثابتا , ومال المدين حاضرا يمكن الأخذ منه بلا مشقة.
إلا أن يشترط رب الدين عند الضمان أخذ أيهما شاء , أو يشترط تقديمه في الأخذ عن المدين , أو ضمن الضامن المدين في الحالات الست: الحياة , والموت , والحضور , والغيبة , واليسر , والعسر , فله مطالبته ولو تيسر الأخذ من مال الغريم.
[وعلق الصاوي بقوله في بلغه السالك بما نقله عن العلامة محمد البناني والقول المرجوع عنه هو الذي جرى له العمل بفاس - وهو الأنسب - بكون الضمان شغل ذمة أخرى بالحق.
وعلق على العبارة الأخيرة (فله مطالبته ولو تيسر الأخذ من مال الغريم) بقوله: ما ذكره الشارح هو المعتمد , وهو ما في وثائق أبي القاسم الجزيري وغيره , خلافا لابن الحاجب من أن الضامن لا يطالب إذا حضر الغريم مليئا مطلقا] .