اتفق الفقهاء قاطبة على صلاحية النقدين (الدنانير الذهبية والدراهم الفضية) لأن يكونا معقودا عليها في الشركات.
يقول ابن قدامة في المغني: (لا خلاف في أنه يجوز جعل رأس المال الدراهم والدنانير فإنها قيم الأموال وأثمان البياعات , والناس يشتركون بها من لدن النبي صلى الله عليه وسلم إلى زمننا من غير نكير) .
ويدخل في النقود النقود الورقية الحديثة كالريال والجنيه والدولار وغيرها لأنها أثمان عرفا وعملا وتطبيقا , والقاعدة العامة عند معظم الفقهاء هي أن ما تعامل به الناس فحكمه حكم الأثمان المطلقة تجوز الشركة فيه.
قول الحنفية وظاهر مذهب الحنابلة
ولا تصح الشركة برأس مال من العروض - مثلية أو قيمية - عند الحنفية وظاهر مذهب الحنابلة لأن قيمة العروض غير ثابتة وهي عرضة للزيادة والنقصان وذلك مما يؤدي إلى جهالة ربح كل شريك جهالة من شأنها أن تؤدى إلى نزاع , إذ أن تعرف مقدار الربح حينئذ متوقف على معرفة القيمة عند العقد وبعده , ولا تعرف حينئذ إلا بالحزر والظن وذلك مما يختلف باختلاف التقويم , وقد يكون التقويم محل نزاع فيؤدي إلى نزاع في الربح ومقداره وذلك مفسد للشركة.
قول الشافعية
أما جماهير الشافعية , فإنهم فرقوا بين المثليات وهي المكيالات والموزونات كالبر والشعير , وبين القيميات التي تختلف آحادها من حيث القيمة كالحيوان , فقد منعوا انعقاد الشركة في القيميات وأجازوها في المثليات بعد الخلط مع اتحاد الجنس , لأن الخلط بغير الجنس كخلط القمح بالشعير والزيت بالسمن يخرج المثلي عن مثليته وهذا يؤدي إلى جهالة الأصل والربح والمنازعة عند القسمة لمكان الحاجة تقويمه إذ ذاك لمعرفة مقداره , والتقويم حزر وتخمين ويختلف باختلاف المقومين بخلاف المثلي فإنه يحصل مثله.
قول المالكية ومذهب أحمد في رواية
وخلافا لبقية الفقهاء , فإنه يجوز الاشتراك بكل العروض سواء كانت مثلية أو قيمية , وسواء كان العروض من الطرفين , أو كان العرض من طرف والعين من طرف آخر , وسواء اختلفا جنسا أو اتفقا , ولكن العروض تقيم بقيمتها يوم العقد وتجعل قيمتها المتفق عليها حصة في رأس مال الشركة يعلم بموجبها حصة الأرباح أو الخسائر , وهذا مذهب المالكية والأوزاعي وابن أبي ليلى ومذهب أحمد في رواية.
وبهذا القول الأخير , فإن العروض لا بد أن تقوم عند انعقاد الشركة عليها , وبالتالي لا يحدث ربح ما لم يضمن , ولا الجهالة , ولا الوكالة في العروض , لأنها تحولت من خلال تقييمها إلى الأثمان.
كيفية تصحيح الشركة في العروض عند المانعين
وقد التجأ المانعون إلى حيلة تؤدي نفس الغرض , حيث أجاز الحنفية والشافعية الشركة في العروض عن طريق الحيلة , قال الكاساني في البدائع (٧ / ٣٥٣٨) : (والحيلة في جواز الشركة في العروض وكل ما يتعين بالتعيين: أن يبيع كل واحد منهما نصف ما له بنصف مال صاحبه حتى يصير مال كل واحد منهما نصفين , وتحصل شركة ملك بينهما , ثم يعقدان بعد ذلك عقد الشركة فتجوز بلا خلاف , ولو كان من أحدهما دراهم ومن الآخر عروض فالحيلة في جوازه أن يبيع صاحب العروض نصف عرضه بنصف دراهم صاحبه , ويتقابضا , ويخلط جميعا حتى تصير الدراهم بينهما والعروض بينهما ثم يعقدان عليهما عقد الشركة فيجوز) .
وجاء في المهذب (١ / ٣٤٥) : (وإن لم يكن لهما غير العروض وأرادا الشركة باع كل واحد منهما بعض عرضه ببعض عرض الآخر فيصير الجميع مشتركا بينهما ويشتركان في ربحه) .