إن هذا العقد غير لازم في جانب صاحب البذر لازم في جانب صاحبه فلو امتنع بعد ما عقد المزارعة على الصحة وقال لا أريد زراعة الأرض له ذلك سواء كان له عذر أو لم يكن ولو امتنع صاحبه ليس له ذلك إلا من عذر
والفرق أن صاحب البذر لا يمكنه المضي في العقد إلا بإتلاف ملكه وهو البذر لأن البذر يهلك في التراب فلا يكون الشروع فيه ملزما في حقه إذ الإنسان لا يجبر على إتلاف ملكه ولا كذلك من ليس البذر من قبله فكان الشروع في حقه ملزما ولا ينفسخ إلا من عذر كما في سائر الإجارات.
حاشية الدسوقي (٣ / ٣٧٢)
وعقدها غير لازم قبل البذر أي كما هو قول ابن القاسم في المدونة فلا تلزم بمجرد الصيغة
ولقد جزم به الماجشون وسحنون بلزوم المزارعة بالعقد وإنما وقع هذا الاختلاف في المزارعة لأنها شركة عمل وإجارة فمن غلب الشركة لم يرها لازمة بالعقد لما مر أن شركة العمل إنما تلزم بالعمل ومن غلب الإجارة ألزمها بالعقد.
المحلى (٨ / ٢٢٥ - ٢٢٦)
وايهما شاء ترك العمل فله ذلك وإذا أراد صاحب الأرض إخراج العامل بعد أن زرع أو أراد الخروج بعد أن زرع فذلك جائز وعلى العامل خدمة الزرع كله وعلى ورثته كذلك حتى يبلغ مبلغ الانتفاع به من كليهما لأنهما على ذلك تعاقدا العقد الصحيح فهو لازم لأنه عمل به رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وإن أراد أحدهما ترك العمل وقد حرث وقلب وزبل ولم يزرع فذلك جائز ويكفل صاحب الأرض للعامل أجر مثله فيما عمل وقيمة زبله أن لم يجد له زبلا مثله أن أراد صاحب الأرض أخراجه لأنه لم تتم بينهما المزارعة.
فلو كان العامل هو المريد للخروج فله ذلك ولا شيء له فيما عمل وإن أمكنه أخذ زبله بعينه أخذه وإلا فلا شيء له لأنه مختار للخروج ولم يتعد عليه صاحب الأرض في شيء ولا منعه حقا له فهو مخير بين إتمام عمله وتمام شرطه والخروج باختياره.
كشاف القناع (٣ / ٥٤٥)
وإن خرج الزارع باختياره وترك العمل قبل الزرع أو بعده قبل ظهور الزرع وأراد أن يبيع عمل يديه في الأرض من حرث ونحوه لم يجز ذلك ولا شيء له وإن أخرجه مالك الأرض فله أجرة مثله لأنه عمل بعوض لم يسلم له فوجب له بدله أو قيمته وإذا فسخت المزارعة بعد ظهور الزرع للعامل نصيبه وعليه تمام العمل.