بدائع الصنائع (٥ / ١٨٠ - ١٨٤)
واما الذي يرجع إلى مدة المزارعة فهو أن تكون المدة معلومة فلا تصح المزارعة إلا بعد بيان المدة لأنها استئجار ببعض الخارج
ولا تصح الإجارة مع جهالة المدة إلا أنها جازت في الاستحسان لتعامل الناس من غير بيان المدة ومما تنفسخ به المزارعة انقضاء مدة المزارعة لأنها إذا انقضت فقد انتهى العقد وهو معنى الانفساخ.
بدائع الصنائع (٥ / ١٨٣ - ١٨٤)
وأما المعاني التي هي عذر في فسخ المزارعة فأنواع بعضها يرجع إلى صاحب الأرض وبعضها يرجع إلى المزارعة
(أما) الذي يرجع إلى صاحب الأرض فهو الدين الفادح الذي لا قضاء له إلا من ثمن هذه الأرض تباع في الدين ويفسخ العقد بهذا العذر
(واما) الذي يرجع إلى المزارع فنحو المرض لأنه معجز عن العمل والسفر لأنه يحتاج إليه وترك حرفة إلى حرفة لأن من الحرف مالا يغنى من جوع فيحتاج إلى الانتقال إلى غيره.
وأما الذي ينفسخ به عقد المزارعة بعد وجوده (فأنواع)
منها الفسخ وهو نوعان صريح ودلالة
فالصريح أن يكون بلفظ الفسخ والإقالة لأن المزارعة مشتملة على الإجارة والشركة وكل واحد منهما قابل لتصريح الفسخ والإقالة
أما الدلالة فنوعان
الأول امتناع صاحب البذر عن المضي في العقد لأن العقد غير لازم في حقه
والثاني حجر المولى على العبد المأذون
(ومنها) موت صاحب الأرض سواء مات قبل الزراعة أو بعدها وسواء ادرك الزرع أو هو بقل لأن العقد أفاد الحكم له دون وارثه لأنه عاقد لنفسه والأصل أن من عقد لنفسه بطريق الأصالة فحكم تصرفه يقع له لا لغيره إلا لضرورة
(ومنها) موت المزارع سواء مات قبل الزراعة أو بعدها بلغ الزرع حد الحصاد أو لم يبلغ.
(وأما) في موت أحد العاقدين إذا مات رب الأرض بعدما دفع الأرض مزارعة تترك الأرض في يد المزارع إلى وقت الحصاد ويقسم على الشرط المذكور لأن في الترك إلى وقت الحصاد نظرا من الجانبين
وإن مات المزارع والزرع بقل فقال ورثته نحن نعمل على شرط المزارعة فالأمر إلى ورثة المزارع وإن أرادوا قلع الزرع لم يجبروا على العمل.
المحلى (٨ / ٢٢٥ - ٢٢٦)
وأيهما شاء ترك العمل فله ذلك وأيهما مات بطلت المعاملة فإن أقر وارث الأرض العامل ورضى العامل فهما على ما تراضيا عليه وكذلك إن أقر صاحب الأرض ورثة العامل برضاهم فذلك جائز وإذا أراد صاحب الأرض إخراج العامل بعد أن زرع أو أراد العامل الخروج بعد أن زرع عند موت أحدهما أو في حياتهما فذلك جائز وعلى العامل خدمة الزرع كله حتى يبلغ مبلغ الانتفاع به.
وإن أراد احدهما ترك العمل وقد حرث وقلب وزبل ولم يزرع فذلك جائز ويكفل صاحب الأرض للعامل أجر مثله فيما عمل وقيمة زبله أن لم يجد له زبلا مثله إن أراد صاحب الأرض إخراجه فلو كان العامل هو المريد للخروج فله ذلك ولا شيء له فيما عمل لأنه مختار في الخروج ولم يتعد عليه صاحب الأرض.