مجموع فتاوى ابن تيمية (٢٩ / ٥٣٠)
إذا أقرضه دراهم ليستوفيها منه في بلد آخر , مثل أن يكون المقرض غرضه حمل الدراهم إلى بلد آخر , والمقترض له دراهم في ذلك البلد , وهو محتاج إلى دراهم في بلد المقترض , فيقترض منه , ويكتب له (سفتجة) أي ورقة إلى بلد المقرض , فهذا يصح في أحد قولي العلماء. وقيل: نهي عنه , لأنه قرض جر منفعة , والقرض إذا جر منفعة كان ربا. والصحيح الجواز , لأن المقرض رأى النفع بأمن خطر الطريق في نقل دراهمه إلى ذلك البلد , وقد انتفع المقترض أيضا بالوفاء في ذلك البلد وأمن خطر الطريق , فكلاهما منتفع بهذا الاقتراض , والشارع لا ينهى عما ينفعهم ويصلحهم , وإنما ينهى عما يضرهم.
المغني (٦ / ٤٣٦)
وإن شرط أن يعطيه إياه في بلد آخر , وكان لحمله مؤونة , لم يجز , لأنه زيادة وإن لم يكن لحمله مؤونة جاز. وحكاه ابن المنذر عن علي وابن عباس والحسن بن علي وابن الزبير وابن سيرين وعبد الرحمن بن الأسود وأيوب السختياني والثوري وأحمد وإسحاق وكرهه الحسن البصري وميمون بن أبي شبيب وعبدة بن أبي لبابة ومالك والأوزاعي والشافعي لأنه قد يكون في ذلك زيادة. وقد نص أحمد على أن من شرط أن يكتب له بها سفتجة لم يجز.
ومعناه اشتراط القضاء في بلد آخر. وروي عنه جوازها , لكونها مصلحة لهما جميعا.
وقال عطاء كان ابن الزبير يأخذ من قوم بمكة دراهم , ثم يكتب لهم بها إلى مصعب بن الزبير بالعراق فيأخذونها منه. فسئل عن ذلك ابن عباس فلم ير به بأسا. وروي عن علي أنه سئل عن مثل هذا , فلم ير به بأسا.
وممن لم ير به بأسا ابن سيرين والنخعي رواه كله سعيد. وذكر القاضي أن للموصي قرض مال اليتيم في بلد أخرى ليربح خطر الطريق. والصحيح جوازه , لأنه مصلحة لهما من غير ضرر بواحد منهما , والشرع لا يرد بتحريم المصالح التي لا مضرة فيها , بل بمشروعيتها. ولأن هذا ليس بمنصوص على تحريمه ولا في معنى المنصوص , فوجب إبقاؤه على الإباحة.
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص ٢٧١)
لا يجوز أن يشترط القضاء ببلد آخر إذا كان القرض مما لحمله مؤونة. أما إذا لم يكن لحمله مؤونة فيصح الشرط. فلو أقرضه نقودا على أن يكتب له بها سفتجة أو يدفع مثلها نفقة لأهله في بلد آخر جاز , ولا يصح أن يأخذ عليها شيئا. (م٧٤٣) .
مرشد الحيران (ص ٢١٣)
يجوز الاستقراض ووفاء القرض في بلد أخرى من غير اشتراط ذلك في العقد. (م٨٠٣)
السفتجة بلا شرط المنفعة للمقرض جائزة , وإنما تكره تحريما إذا كانت المنفعة مشروطة أو متعارفة (م٩١٤) .
رد المحتار (٤ / ٢٩٦)
وفي الفتاوى الصغرى وغيرها: إن كان السفتج مشروطا في القرض فهو حرام , والقرض بهذا الشرط فاسد , وإلا جاز.
أسنى المطالب (٢ / ١٤٢)
(ويبطل قرض) بشرط (جر منفعة) أي يجرها إلى المقرض (كشرط رد الصحيح عن المكسر أو رده ببلد آخر) .
الخرشي (٥ / ٢٣١)
وكذلك يمتنع أن يسلف كعكا ببلد بشرط أن يأخذ بدله ببلد آخر. . وكذلك يمتنع أن يدفع الشخص لصاحبه عينا - أي ذاتا - عنده عظم حملها ويشترط أخذها في بلد آخر لأنه دفع عن نفسه غرر الطريق ومؤنة الحمل. وقولنا ذاتا ليشمل النقد وغيره كقمح وعسل ونحوهما (كسفتجة إلا أن يعم الخوف) أي إلا أن يغلب الخوف في جميع طرق المحل الذي يذهب إليه المقرض منها بالنسبة إليه , فيجوز لضرورة صيانة الأموال. وبعبارة: فيجوز تقديما لمصلحة حفظ المال على مضرة سلف جر نفعا , فإن غلب لا في جميع طرقه , أو غلب في جميعها لكن بالنسبة لغيره لا بالنسبة إليه فلا يجوز.
الكافي لابن عبد البر (ص ٣٥٩)
ولا يجوز أن يقترض الرجل شيئا له حمل , ومؤنة في بلد على أن يعطيه ذلك في بلد آخر , فأما السفاتج بالدنانير والدراهم فقد كره مالك العمل بها ولم يحرمها. وأجاز ذلك طائفة من أصحابه وجماعة من أهل العلم سواهم , لأنه ليس لها حمل ولا مؤونة. وقد روي عن مالك أيضا أنه لا بأس بذلك. والأشهر عنه كراهيته لما استعمله الناس من أمر السفاتج , ولم يختلف قوله في كراهة استسلاف الطعام على أن يعطى ببلد آخر , وكذلك كل شيء له حمل ومؤنة. ولا بأس أن يشترط المستسلف ما ينتفع به من القضاء في موضع آخر ونحو ذلك. قال مالك فإن كان المقرض هو المشترط لما ينتفع به لم يجز ذلك ولا خير فيه.
مراجع إضافية
انظر البدائع (٧ / ٣٩٥) المحلى (٨ / ٧٧) فتح العزيز (٩ / ٣٨٥) تبيين الحقائق (٤ / ١٧٥) منح الجليل (٣ / ٥٠) الاختيارات الفقهية من فتاوى ابن تيمية (ص ١٣١) كشاف القناع (٣ / ٣٠٤) البهجة (٢ / ٢٨٨)