قد يتعدد الراهن أو المرتهن , كما لو رهن رجلان بدين عليهما رهنا عند آخر , أو يرهن رجل شيئا بدين عليه عند رجلين , يصح الرهن في الحالتين , لعدم الشيوع المانع من صحة الرهن عند الحنفية , لأنه في حالة تعدد الراهن , يحصل قبض المرهون من المرتهن بدون إشاعة , فصار كرهن الواحد من الواحد , وفي حالة تعدد المرتهن أضيف الرهن إلى جميع العين المرهونة بصفقة واحدة , ومقتضي الرهن أو موجبه حبس المرهون بالدين , والحبس لا يتجزأ , فصار الرهن محبوسا بكل من المرتهنين.
وذلك بخلاف هبة الواحد من الاثنين: لا تجوز عند أبي حنيفة لأن المقصود من الهبة هو التملك , والشيء الواحد الموهوب لا يتصور كونه ملكا لكل من الموهوب لهما على سبيل الكمال والاستقلال , فلا بد من قسمة الموهوب ليتصور تملك الموهوب لهما للموهوب.
وأحكام الحالتين هي ما يأتي:
في حالة تعدد الراهنين
يصح الرهن بكل الدين , وللمرتهن حبس المرهون حتى يستوفي كل الدين من الراهنين , فإذا أدى أحد الراهنين ما عليه من الدين , لم يكن له أن يقبض شيئا من الرهن , لأن فيه تفريق الصفقة على المرتهن في الإمساك.
في حالة تعدد المرتهنين
يعتبر المرهون كله أيضا رهنا محبوسا عند كل واحد منهما بدينه , لحمل الراهن على وفاء الدين , ما دام الرهن قائما.
فإن قضي الراهن أحد المرتهنين دينه , كانت العين المرهونة كلها رهنا في يد الآخر , حتى يستوفي دينه , لأن العين كلها رهن في يد كل منهما , بلا تفرقة أو تجزئة.
وكيفية حبس المرهون عند المرتهنين: هو أنه إذا كان المرهون مما يقبل التجزؤ , فعلى كل واحد من المرتهنين حبس النصف , فلو سلم كل المرهون للآخر , ضمنه عند أبي حنيفة خلافا للصاحبين.
وأما إذا كان المرهون مما لا يتجزأ , فيحبسه المرتهنان على طريق المهايأة (بمعنى أن يتفق الاثنان على أن يأخذ كل واحد منهما المرهون عنده مدة معلومة) , فإن تهايأ كان كل واحد منهما في نوبته كالعدل في حق الآخر.
وإذا هلك المرهون , صار كل واحد من المرتهنين مستوفيا حصة دينه من المرهون , لأن الاستيفاء يتجزأ.
وفي حال الهلاك هذه , لو قضي الراهن دين أحدهما , استرد ما قضاه من الدين , لأن ارتهان كل منهما باق , حتى يعود الرهن إلى الراهن , لأن كل مرتهن كالعدل بالنسبة للمرتهن الآخر في حال عدم قابلية تجزئة المرهون.