يلزم الرهن بالنسبة للراهن لا للمرتهن فلا يملك الراهن فسخه , لأنه عقد وثيقة بالدين ويملك المرتهن فسخه في أي وقت , لأن العقد لمصلحة.
ولا تترتب آثاره عند جميع الفقهاء إلا بالقبض , فلا يختص المرتهن بثمن العين المرهونة , ولا يثبت له حق الامتياز على غيره من الدائنين إلا بالقبض.
ولا يتحقق لزوم الرهن عند الجمهور إلا بالقبض , ويلزم عند المالكية بالإيجاب والقبول.
أما مذهب الجمهور (من الحنفية والشافعية والحنابلة في الأصح: فلا يلزم الرهن في جميع أحواله إلا بالقبض.
أما قبل القبض , فللراهن إمضاء الرهن أو فسخه , ودليلهم قوله تعالى {فرهان مقبوضة} لأن المعنى فرهن رهان مقبوضة , لأن المصدر المقترن بالفاء في جواب الشرط هو في معنى الأمر , أي فارهنوا.
والأمر بالشيء الموصوف يقتضي أن يكون الوصف شرطا فيه , فما شرع بصفة لا يوجد شرعا إلا بها , فلا يلزم الرهن إلا بالقبض , ولأن الرهن عقد تبرع لا يجبر الراهن على شيء فيه , فوجب لنفاذه وإمضائه القبض لأنه ليس للرهن قبل قبضه مظهر في الخارج إلا القبض , كما هو الشأن في الهبة والصدقة , فلا يوجد عقد الرهن شرعا , ولا يترتب عليه أثره إلا بالقبض , ولا يلزم إلا بالقبض.
وقرر المالكية: أنه يلزم الرهن بالإيجاب والقبض , ويتم بالقبض , فإذا صدر الإيجاب والقبول لزم العقد , ويجبر الراهن على تسليم الرهن إلى المرتهن ما لم يوجد أحد الموانع الأربعة التالية وهي: موت الراهن بعد العقد وقبل التسليم , ومطالبة الغرماء بأداء الراهن ديونهم , وحالة التفليس العام (أي أن تكون الديون محيطة بمال الراهن) , ومرض الراهن المخوف أو جنونه المتصلان بوفاته.
ودليلهم أن العقد والالتزام يتحققان بالإيجاب والقبول , وقد قال الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود} والرهن عقد , والأمر للوجوب , فكان الوفاء به واجبا , من طريق لزومه بالنسبة للراهن , لأنه هو الملتزم.