هناك اتجاهان في كيفية ضمان المرتهن:
مذهب الحنفية: المرهون مضمون بالأقل من قيمته ومن الدين فإن كانت القيمة أقل من الدين , فهو مضمون بالقيمة , وسقط من الدين بقدرها , ورجع المرتهن بالفضل الزائد على الرهن.
وإن تساوى الدين وقيمة المرهون , صار المرتهن مستوفيا دينه حكما , لتعلق قيمة الرهن بذمته.
وإن كانت قيمة الرهن أكثر من الدين , فالفضل الزائد أمانة في يد المرتهن , لا يضمن ما لم يتعد عليه , أو يقصر في حفظه.
ودليلهم ما روي عن ابن عمر وابن مسعود أنهما قالا: (الرهن مضمون بالأقل من قيمته ومن الدين) .
وهكذا روي عن علي رضي الله عنه في بعض الروايات.
واشترط الحنفية لضمان الرهن على النحو المذكور شروطا ثلاثة:
أ - شرط بقاء الدين:
أي وجود الدين عند هلاك المرهون , أو أن يكون موعدا به عند قبض الرهن.
فإذا سقط الدين قبل هلاك الرهن بالإبراء أو بالوفاء ونحوهما , ثم هلك الرهن , فإنه يهلك على الراهن بغير شيء ولا ضمان على المرتهن حينئذ.
ب - شرط بقاء القبض:
أي أن يكون هلاك الرهن في يد المرتهن , أو في يد العدل , وفي حال قبضه على حكم الرهن.
فإذا هلك المرهون وهو في يد الراهن أو في يد غاصبه , لم يهلك هلاك الرهن , وإنما يهلك على ضمان الراهن إذا كان في يده , أو على ضمان الغاصب إذا هلك في يده.
وإذا أذن الراهن المرتهن في الانتفاع بالرهن , فهلك حال انتفاعه به بناء على الإذن , فإنه أيضا يهلك هلاك الأمانة , ولا يسقط بهلاكه شيء من الدين , لأنه لم يهلك في قبض الرهن , وإنما هلك في قبض العارية.
أما إن هلك قبل أن يبدأ انتفاعه به أو بعد انتهائه , فإنه يهلك هلاك الرهن , لأنه هلك في قبض الرهن.
ج - شرط كون المرهون مقصودا بالرهن:
أي ألا يكون الهالك من زيادة الرهن ونمائه , مما يدخل في الرهن تباعا , كالولد واللبن والثمرة والصوف ونحوها , من كل زيادة متولدة منفصلة.
فإذا هلك النماء أو الزيادة , هلك هلاك الأمانة , لأن الزيادة لم تدخل في الرهن إلا تبعا للأصل , فكانت يد المرتهن عليها يدا تابعة ليده على أصلها.
مذهب الجمهور غير الحنفية في كيفية ضمان الرهن
لا يضمن الرهن عند جمهور الفقهاء إذا هلك بلا تعد ولا تقصير , وهو في يد المرتهن , وإنما يضمن بالتعدي أو التقصير , ولا يسقط شيء من الدين بتلف المرهون , إلا أن المالكية ضمنوا المرتهن إذا كان الرهن مما يغاب عليه , أي يمكن إخفاؤه , كالحلي والسلاح والثياب والكتب والسفينة وقت جريها , إذا كان المرهون في يده وحيازته , لا في يد أمين , ولم تقم بينة على هلاكه من غير تعد ولا تقصير.
وحينئذ يضمن قيمته بالغة ما بلغت , ويستمر الضمان إلى تسليم الرهن لصاحبه , فلا يرفعه وفاء الدين ولا سقوطه.
ويسقط عندهم دين المرتهن إن كان مساويا للرهن.
ولديهم قولان في وقت تقدير قيمة المرهون: قول بتقديرها يوم الضياع (أي التغيب) وقول بتقديرها يوم الارتهان.
وكيفية ضمانه عندهم أن العاقدين يترادان الفضل بينهما بسبب التفاوت بين قيمة الدين وقيمة الرهن , أي الضمان يكون للأقل من قيمة الرهن والدين , كالحنفية.