للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد الله: "أنه سُئل عن رفع الأيدي عند البيت، فقال: ذلك شيء يفعله اليهود، قد حججنا مع رسول الله -عليه السلام- فلم يفعل ذلك".

فهذا جابر -رضي الله عنه- يخبر أن ذلك ليس من فعل أهل الإِسلام، وأنهم قد حجوا مع رسول الله -عليه السلام- فلم يفعل ذلك، فإن كان هذا الباب يوجد من طريق معاني الآثار، فإن جابرًا قد أخبر أن ذلك من فعل اليهود، فقد يجوز أن يكون رسول الله -عليه السلام- أمر به على الاقتداء منه بهم، إذ كان حكمه أن يكون على شريعتهم لأنهم أهل كتاب حتى يُحْدِث الله -عز وجل- له شريعة تنسخ شريعتهم، ثم حج رسول الله -عليه السلام- فخالفهم فلم يرفع يديه، إذ أُمِرَ بمخالفتهم.

فحديث جابر أولى؛ لأن فيه (تصحيح) (١) النسخ لحديث ابن عباس وابن عمر -رضي الله عنهم-.

وإن كان يوجد من طريق النظر فإنا قد رأينا الرفع المذكور في هذا الحديث على ضربين، فمنه رفع لتكبير الصلاة، ومنه رفع للدعاء، فأما ما للصلاة فرفع اليدين عند افتتاح الصلاة، وأما ما للدعاء فرفع اليدين عند الصفا والمروة وبجمع وعرفة وعند الجمرتين، فهذا متفق عليه، وقد روي عن رسول الله -عليه السلام- أيضًا [في] (٢) رفع اليدين بعرفة، ما حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن بشر بن حرب، عن أبي سعيد الخدرى: "أن رسول الله -عليه السلام- كان يدعو بعرفة، وكان يرفع يديه نحو ثندوته".

فأردنا أن ننظر في رفع اليدين عند رؤية البيت هل هو كذلك أم لا؟ فرأينا الذين ذهبوا إلى ذلك ذهبوا أنه لا لعلة الإِحرام ولكن لتعظيم البيت، وقد رأينا الرفع بعرفة والمزدلفة وعند الجمرتين وعلى الصفا والمروة إنما أمر بذلك من طريق الدعاء في الموطن الذي جعل ذلك الوقوف فيه لعلة الإِحرام، وقد رأينا من صار إلى عرفة أو


(١) كذا في "الأصل، ك"، وفي "شرح معاني الآثار": "مع تصحيح هذين الحديثين".
(٢) ليست في "الأصل، ك"، والمثبت من "شرح معاني الآثار"، وهي مذكورة في الشرح.

<<  <  ج: ص:  >  >>