للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويتفرع على هذا الخلاف هل يجب القطع على المختلس أم لا؟

فعند أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق: لا قطع على المختلس، وهو قول إبراهيم النخعي، وقال علي بن رباح وعطاء وإياس بن معاوية: عليه القطع.

الثاني: فيه أن الماشية لا يقطع فيها إلا إذا سرقها من مراحها؛ فإن مراحها حرزها.

الثالث: فيه اشتراط بلوغ قيمة المسروق إلى ثمن المجن في القطع، وقد اختلفوا فيه، فقال أصحابنا: إنه مقدر بعشرة دراهم، فلا قطع في أقل من ذلك. وقال مالك وابن أبي ليلى: بخمسة دراهم. وقال الشافعي: بربع دينار. وسيجيء الكلام فيه مستقصى في كتاب السرقة، إن شاء الله تعالى.

الرابع: في أن الثمر لا قطع فيه إلا إذا سرق بعد أن أواه الجرين؛ لأن الجرين حرز له.

فهذه أربعة أحكام يعمل بها عند الأئمة، وبقيت فيه أربعة أحكام أخرى وهي منسوخة لا يعمل بها:

الأول: في وجوب الغرامة بالمثلين في حريسة الجبل.

الثاني: وجوب الغرامة بالمثلين أيضًا فيما أواه المراح ولم يبلغ ثمن المجن.

والثالث: وجوب الغرامة كذلك بالمثلين في الثمر المعلق.

والرابع: وجوب الغرامة كذلك إذا أواه الجرين ولم يبلغ ثمن المجن.

فهذه أربعة أحكام كانت في ابتداء الإسلام، فانتسخت بتحريم الربا، فعاد الأمر إلى أن لا يؤخذ ممن أخذ شيئًا إلا مثل ما أخذ.

فإن قيل: كيف تدعي النسخ فيها وقد حكم بها عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بحضرة الصحابة -رضي الله عنهم- فلم ينكر عليه منهم أحد؟ وذلك أن قاسم بن أصبغ روى عن مطرف بن قيس، عن يحيى بن بكير، عن مالك بن أنس، عن هشام بن عروة بن الزبير، عن أبيه، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب: "أن رقيقًا لحاطب سرقوا

<<  <  ج: ص:  >  >>