للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان تعزيرًا، كما هو في حديث النعمان بن بشير - رضي الله عنه - حيث قال في حديثه: "إن كانت أحلتها له جلدته مائة". وذلك لأنه ادعى جهالة فعذره عمر - رضي الله عنه - وعزَّره مائة.

كما جاء في رواية أخرى أخرجها البيهقي (١): من حديث معمر، عن سماك ابن الفضل، عن عبد الرحمن بن البيلماني: "أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - رفع إليه رجل وقع على جارية امرأته، فجلده مائة ولم يرجمه".

فهذا وإن كان منقطعًا فإنه محمول على ما ذكرناها، وعن هذا قال أصحابنا فيمن وقع على جارية امرأته وظن أنها تحل له فإنه لا يحد ولكنه يعزر، أما سقوط الحد فللشبهة حتى يجب للعلم بالحرمة لانتفاء الشبهة، وأما التعزير فلأنه ارتكب أمرًا محرمًا، وكذا لا يحد إذا أحلت المرأة إياها له لما ذكرناه، وإليه أشار الطحاوي بقوله: "فكذلك نقول: من زنى بجارية امرأته. . . ." إلى آخره على ما يجيء الآن إن شاء الله.

ص: وقد أنكر علي - رضي الله عنه - على عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - في هذا قضاءه بما قد نسخ:

حدثنا أحمد بن الحسن، قال: ثنا علي بن عاصم، عن خالد الحذاء، عن محمد ابن سيرين، قال: "ذكروا لعلي - رضي الله عنه - شأن الرجل الذي أتى ابن مسعود وامرأته وقد وقع على جارية امرأته، فلم ير عليه حدًّا، فقال علي - رضي الله عنه -: لو أتاني صاحب ابن أم عبد لرضخت رأسه بالحجارة، لم يدر ابن أم عبد ما حدث بعده.

فأخبر علي - رضي الله عنه - أن ابن مسعود تعلق في ذلك بأمر قد كان ثم نسخ بعده فلم يعلم ابن مسعود بذلك.

ش: ذكر هذا تأييدًا لما قاله من أن عبد الله بن مسعود قد تعلق في الحكم المذكور بما نسخ من ذلك، حيث خفي عليه الناسخ، ولهذا أنكر عليه


(١) "سنن البيهقي الكبرى" (٨/ ٢٤١ رقم ١٦٨٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>