التي يعلمها له، ولم ينزل عليه القرآن على لسانه لأن إنزال الكتب الإلهية من خصائص جبريل، فلما مضت ثلاث سنين قرن بنبوءته جبريل عليه السلام فنزل عليه القرآن على لسانه عشرين سنة اهـ.
وما ذكر من أول ما أنزل عليه اقرأ، هو الصواب وهو الذي عليه الجماهير من الخلف والسلف كما قاله النووي، وأما ما روي أن أول ما نزل مطلقا أول سورة يا أيها المدثر فقال النووي ضعيف بل باطل، وإنما أنزلت أيها المدثر بعد فترة الوحي، وقوله حزن بكسر الزاي وجزم عياض بأن هذا من قول معمر وخالفه السيوطي والقسطلاني تبعا للحافظ وقالوا هو شيخه الزهري، وقوله غدا بغين معجمة من الذهاب غدوة وبمهملة من العدو وهو الذهاب بسرعة ويتردى يسقط وشواهق الجبال طوالها وأوفى بفتح الهمزة والفاء وسكون والواو أشرف والذروة بكسر الذال المعجمة وتفتح وتضم وإلقاؤه لنفسه للإشفاق أن تكون الفترة لسبب منه، فخشي أن تكون عقوبة من ربه، ففعل ذلك ولم يرد بعد شرع بالنهي عنه فيعترض به وجأشه بجيم فهمزة ساكنة فشين معجمة أي اضطراب قلبه وتقر بفتح الفوقية والقاف والعطف تفسيري، قال القاضي عياض وابتدأ عليه السلام بالرؤيا لئلا يفجأه الملك وياتيه صريح النبوءة بغتة فلا تحملها قوى البشر، فبدأ بأوائل خصال النبوءة وتباشير الكرامة من المرائي الصادقة الصالحة الدالة على ما يؤول إليه أمره.
تنبيه:
قال غير واحد لم يبعث نبي إلا بعد أربعين سنة، لأنها سن كمال القوة والعقل، قال الزرقاني وهذا الحصر شامل لجميع الأنبياء حتى يحيى وعيسى وهو الصحيح، ففي زاد المعاد ما يذكر أن عيسى رفع وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة، لا يعرف به أثر متصل يجب الرجوع إليه. قال أبو شامة وهو كما قال والمصرح به في الأحاديث النبوية أنه إنما رفع وهو ابن مائة وعشرين ففي الطبراني بسند رجاله ثقاة أنه صلى الله عليه