(وبعد) ظرف زمان بنى لشبهة بحرف الجواب، كنعم في الاستغناء به عما بعده وعامله محذوف، أي وأقول بعد البسملة والحمدلة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تنبه (فاعلم) أيها المخاطب أي تحقق؛ (ان خير) أي أفضل، (ما اقتفى) من العلوم أي اتبعه وتعلمه أو علمه وألف فيه؛ (ذو) أي صاحب؛ (همة) هي قوة الانبعاث في الشيء وطلبه بالصدق بقطع الشواغل عما سواه؛ (سيرة) خبر أن وهو مضاف لقوله (خير مقتفي) بصيغة اسم مفعول أي متبع وهو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم؛ والسيرة بكسر السين هيأة السير وجمعها سير أي طريقته وهيأته وحالته ثم خصت بحاله في غزواته ونحوها نقله الشيخ محمد بن عبد الباقي في شرح المواهب ولا يخفى عظيم فضل الاهتمام بسيرته صلى الله عليه وسلم لأن شرف كل علم بحسب شرف معلومه وهذا العلم هو الكفيل ببيان أحواله صلى الله عليه وسلم العلية وأطواره الشريفة من لدن كان في بطن أمه إلى انتقاله إلى درا كرامته ولحوقه بالرفيق الأعلى صلى الله عليه وسلم تسليما. (وها أنا) ها حرف تنبيه وأنا مبتدأ وخبره قوله (أذكر) أي أبين ويكثر استعمال ها التنبيه مع ضمير رفع منفصل بشرط أن يكون مرفوعا بالإبتداء بخلاف ما قام إلا أنا فلا تدخل على أنا ويشرط أن يخبر عنه باسم إشارة نحوها أنتم هؤلاء، وشذ قوله:
أبا حكم ها أنت خصم مجادل
قاله الدماميني واستعملها الناظم بدون اسم إشارة (في هذا الرجز) أحد البحور المعروفة يعنى نظمه هذا (من ذاك) أي من علم السيرة النبوية (ما) مفعول أذكر أي الذى (فيه) لمن حفظه وشرحه (سداد) بكسر السين وفتحها أي غنى وكفاية (من عوز) أي احتياج وعدم يعنى انه جمع في هذا النظم من علم السيرة ما يغني من تعلمه ويكفيه حتى لا يحتاج إلى غيره قال في المصباح السداد بالكسر ما تسد به القارورة وغيرها واختلف في سداد من عيش وسداد من عوز لما يرمق به العيش وتسد به الخلة فقال ابن السكيت والفارابي وتبعه الجوهري بالفتح