الله على بابه الراءة، بالراء المهملة والمد والهمزة، فحجبت أعين الكفار، وهي أم عيلان ضرب من العضاه كما في المصباح، فأمر الله العنكبوت فنسجت على فم الغار، وأرسل حمامتين وحشيتين فعششتا على بابه، ولما فقدت قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم طلبوه بمكة أعلاها وأسفلها، وبعثوا القافة أثره، والقافة جمع قائف وهو الذي يعرف الأثر، فوجد الذي ذهب قبل ثور أثره، فلم يزل يتبعه حتى انقطع أثره لما انتهى إلى ثور، ولما انتهى قريش إلى فم الغار قال قائل منهم ادخلوا الغار، قال أمية بن خلف وما أربكم إلى الغار إن فيه لعنكبوتًا أقدم من ميلاد محمد، وعند الطبراني وخرجت قريش حين فقدوهما وجعلوا في النبي صلى الله عليه وسلم مائة ناقة، وطافوا في جبال مكة حتى انتهوا إلى الجبل الذي فيه صلى الله عليه وسلم، فقال أبو بكر إن هذا الرجل ليرانا، وكان مواجهه، فقال صلى الله عليه وسلم كلا إن ثلاثة من الملائكة يسترنا بأجنحتها، فجلس ذلك الرجل يبول مواجهه في الغار، فقال صلى الله عليه وسلم لو كان يرانا ما فعل هذا، وروي أن أبا بكر لما رأى القافة اشتد حزنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال إن قتلت فإنما أنا رجل واحد، وإن قتلت أنت هلكت الأمة، فعندها قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تحزن إن الله معنا، وفي رواية أن أبا بكر قال أما والله ما على نفسي أبكي ولكن مخافة أن أرى فيك ما أكره، فقال لا تحزن إن الله معنا بالمعونة والنصر، ولما خرجا إلى الغار أمر أبو بكر ابنه عبد الله أن يستمع لهما ما يقول الناس فيهما نهاره ثم يأتيهما إذا أمسى، فكان عامر يرعى في رعيان أهل مكة، فإذا أمسى أراح عليهما فاحتلبا وذبحا، فإذا غدى عبد الله من عندهما تبع عامر أثره بالغنم حتى يعفر أثرهما، وكانت أسماء بنت أبي بكر تأتيهما بالطعام بما يصلحهما، ولله در مجلي حلبة المديح النبوي حيث يقول، ولقوله قبول:
(وأغيرتا حين أضحى الغار وهو به ... كمثل قلبي معمور ومأهول)