تخرج بفرسي من وراء أكمة فتحبسها علي، وأخذت رمحي فخرجت به من ظهر البيت الحديث، وفيه أنه لما دنا منهم سقط عن فرسه واستسقم بالأزلام فخرج ما يكره لا يضرهم ثم ركبها ثانيًا، وقرب حتى سمع قراءة النبي صلى الله عليه وسلم وهو لا يلتفت، وأبو بكر يكثر الالتفات، فساخت يدا فرسه في الأرض إلى الركبتين، فسقط عنها ثم خلصها، واستقسم بالأزلام فخرج الذي يكره، فناداهم بالأمان، وفي رواية ابن عقبة: وكنت أرجو أن أرده فأخذ المائة ناقة، وفي رواية عن أبي بكر: تبعنا سراقة ونحن في جلد من الأرض، فقلت هذا الطلب قد لحقنا، فقال: لا تحزن إن الله معنا، فلما دنا منا وكان بيننا وبينه رمحان أو ثلاثة، قلت هذا الطلب لقد لحقنا وبكيت، قال صلى الله عليه وسلم ما يبكيك؟ ، فقلت: أنا والله ما على نفسي أبكي ولكن عليك.
وعند الإسماعيلي وغيره، فقال صلى الله عليه وسلم اللهم اكفناه بما شئت، وفي حديث أنس عند البخاري: اللهم أصرعه، فصرعه فرسه، وللطبراني أن فرسه وقعت لمنخريها، وللإسماعيلي فساخت في الأرض إلى بطنها، فطلب الأمان، زاد ابن إسحاق فقال أنا سراقة أنظروني أكلمكم فوالله لا يأتيكم مني ما تكرهونه، وللإسماعيلي قد علمت يا محمد أن هذا عملك فادع الله أن ينجيني مما أنا فيه ولكما أن أرد الناس عنكما ولا أضركما، فدعا له صلى الله عليه وسلم، وللإسماعيلي وهذه كنانتي فخذ منها سهمًا، فإنك تمر على إبلي وغنمي بمكان كذا فخذ منها حاجتك، فقال لا حاجة لنا في إبلك ودعا لي، وذكر ابن سعد أنه لما رجع قال لقريش قد عرفت نظري بالطريق، وبالأثر وقد استبرأت لكم فلم أر شيئًا فرجعوا، وروي أن سراقة قال يخاطب أبا جهل بعد انصرافه عن النبي صلى الله عليه وسلم:
(أبا حكم والله لو كنت حاضرًا ... لأمر جوادي إذ تسيخ قوائمه)
(علمت ولم تشك بأن محمدًا ... رسول ببرهان فمن ذا يقاومه)