للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسراقة هذا أظهر الله فيه علمًا من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم، ففي الحديث أنه عليه السلام قال له كيف بك إذا لبست سواري كسرى، وذكر ابن المنير أنه قال له ذلك لما لحقهما في الهجرة فعجب من ذلك، فلما أوتى بهما عمر وبتاجه ومنطقته، دعا سراقة فألبسه السوارين وقال ارفع يديك وقل الله أكبر الحمد لله الذي سلبهما كسرى بن هرمز، وألبسهما سراقة بن مالك أعرابي من بني مدلج، ورفع عمر صوته ثم قسم ذلك بين المسلمين، ومما وقع لهم في الطريق ما أخرجه البيهقي عن ابن بريدة قال: لما جعلت قريش مائة من الإبل لمن يرد النبي صلى الله عليه وسلم حملني الطمع، فركبت في سبعين من بني سهم فلقيته، فقال من أنت، قلت بريدة، فالتفت صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر وقال برد أمرنا وصلح، فقال ممن أنت، قلت من أسلم، قال سلمنا، ثم قال ممن قلت من بني سهم، قال خرج سهمك يا أبا بكر، فقال بريدة للنبي صلى الله عليه وسلم من أنت، قال أنا محمد بن عبد الله رسول الله، فقال بريدة أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد عبده ورسوله، فأسلم بريدة وأسلم من كان معه جميعًا، ولما بلغ المسمين بالمدينة خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة كانوا يغدون كل غداة إلى الحرة، بفتح المهملة وشد الراء، أرض ذات حجارة سود كانت بها وقعة يزيد المشهورة ينتظرونه حتى يردهم حر الظهيرة، فانقلبوا يومًا بعدما طال انتظارهم، فلما أووا إلى بيوتهم طلع رجل من اليهود على أطم، بضم الهمزة والطاء من أطامهم، والأطم الحصن، فبصر برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه عليهم ثياب بيض يرفعهم السراب، فصاح بأعلى صوته يا بني قيلة، بفتح القاف وسكون التحتية بنت كاهل بن عذرة والدة الأوس والخزرج، وهذا جدكم، بفتح الجيم وشد المهملة، أي حظكم ومطلوبكم، وصاحب دولتكم قد أقبل، فخرج إليه بنو قيلة سراعًا بسلاحهم إظهارًا للقوة والشجاعة لتطمئن نفسه صلى الله عليه وسلم بقدومه عليهم، ويظهر له صدقهم في مبايعتهم إياه، فنزل بقباء على بني عمرو ابن عوف على فرسخ من المسجد النبوي، وكان نزوله على كلثوم بن الهدم، وقام أبو بكر للناس

<<  <  ج: ص:  >  >>