فقال محمد صلى الله عليه وسلم: أتحببنني أي بضم التاء، من أحب وبفتحها وكسر الموحدة من حب؟ ، قلن نعم يا رسول الله، فقال عليه السلام يعلم أن قلبي محبكم بالميم، يعني معشر الأنصار، وفي رواية فقال والله وأنا أحبكن، فتفرق الناس في الطرق ينادون فرحًا جاء محمد، جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، وهي أوبؤ أرض الله، وعك بالبناء للمجهول، أي حم أبو بكر وبلال وعامر بن فهيرة، وكان أبو بكر إذا أخذته الحمى يقول:
(كل امرئ مصبح في أهله ... والموت أدنى من شراك نعله)
قوله مصبح أي مصاب بالموت صباحًا، وشراك النعل سيره الذي على ظهر القدم، والمعنى أن الموت أقرب إلى الشخص من شراك النعل إلى الرجل، وذكر ابن شيبة أن هذا الرجز لحنظلة ابن سيارة، قاله يوم ذي قار وتمثل به الصديق رضي الله عنه، وكان عامر يقول:
(لقد وجدت الموت قبل ذوقه ... إن الجبان حتفه من فوقه)
(كل امرئ مجاهد بطوقه ... كالثور يحمي أنفه بروقه)
والطوق الطاقة، والروق القرن، يضرب مثلاً في الحث على حفظ الحريم، ويذكر أن هذا الشعر لعمرو بن مامة، وكان بلال إذا أقلعت عنه الحمى بالبناء للفاعل أو المفعول يرفع عقيرته، أي صوته بالبكاء ويقول:
(ألا ليت شعري هل أبيتين ليلة ... بواد وحولي إذخر وجليل)
(وهل أردن يومًا مياه مجنة ... وهل تبدون لي شامة وطفيل)
وقوله بواد يعني واد مكة، والإذخر بكسر الهمزة، وسكون الذال، وكسر الخاء المعجمتين حشيش مكة الخ، والرائحة الطيبة وجليل نبت ضعيف يحشى به البيوت، وهو الثمام، ومياه بالهاء، ومجنة بفتح الميم والجيم، والنون المشددة وتكسر الميم، موضع على أميال من مكة كان به سوق في الجاهلية وشامة وطفيل بفتح المهملة وكسر الفاء عينان بقرب مكة، كما ارتضاه الخطابي، وقواه السهيلي، وقيل جبلان، وزعم في القاموس أن شامة بالميم تصحيف من المتقدمين وأن الصواب بالباء، وأشار الحافظ لرده، فقال زعم بعضهم أن الصواب بالموحدة بدل الميم والمعروف بالميم