تنصرونا وإن رأيتمونا قد غنمنا فلا تشركونا بفتح التاء والراء أي لا تكونوا مشاركين لنا. زاد في رواية وارشقوهم بالنبل. فإن الخيل لا تقوم على النبل إنا لا نزال غالبين ما ثبتهم مكانكم، اللهم إني أشهدك عليهم. وأول من أنشب الحرب أبو عامر الفاسق وهو عبد بن عمرو بن صيفي الأوسي وكان خرج إلى مكة مباعداً للنبي (صلى الله عليه وسلم) وكان يعد قريشاً أن لو لقي قومه لم يختلف عليه منهم رجلان فلما التقى الناس نادي يا معشر الأوس أنا أبو عامر، قالوا لا أنعم الله بك عينا يا فاسق، وبذلك سماه (صلى الله عليه وسلم)، وكان يسمى في الجاهلية الراهب، فلما سمع ردهم عليه قال لقد أصاب قومي بعدي شر ثم قاتلهم قتالا شديدا ثم تراموا بالحجارة حتى ولى أبو عامر وجعل نساء المشركين يضربن الدفوف ويذكرنهم قتلى بدر، وكان أبو سفيان قد قال يا بني عبد الدار إنكم وليتم لواءنا يوم بدر فأصابنا ما رأيتم وإنما يؤتى الناس من قبل راياتهم إذا زالت زالوا فإما أن تكفونا لواءنا وإما أن تخلوا بيننا وبينه، وقالوا ستعلم كيف نصنع وذلك الذي أراد أبو سفيان فاقتتل الناس وحميت الحرب وكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قد قال في سيف عنده من يأخذ هذا السيف بحقه؟ فقام إليه رجال سمي منهم عمر والزبير كما عند ابن عقبة وعلي كما في الطبراني وأبو بكر كما في الينابيع وكان مكتوباً في إحدى صفحتيه:
(في الجبن عار وفي الإقدام مكرمة ... والمرء بالجبن لا ينجو من القدر)
فأمسكه (صلى الله عليه وسلم) عنهم فقام إليه سماك بن خرشة أبو دجانة بضم الدال المهملة وبالجيم والنون الأنصاري البدري باتفاق، فقال وما حقه يا رسول الله؟ فقال أن تضرب به في وجوه العدو حتى ينحني وروى الدولابي أن لا تقتل به مسلماً، ولا تفر به من كافر، قال أنا آخذه بحقه يا رسول الله. أي بما يقابله من الثمن، وهو الصفة التي ذكرتها، وعند الطبراني قال لعلك إن أعطيتكه أن تقاتل به في الكيول، قال لا فأعطاه إياه وكان رجلا شجاعا يختال عند الحرب، فلما رآه عليه السلام