وليغتسل به سلمان وليكفي الإناء خلفه ففعل فكأنما حل من عقال وتنافس المهاجرون والأنصار في سلمان وكان رجلا قويا فقال المهاجرون سلمان منا وقال الأنصار سلمان منا. فقال (صلى الله تعالى عليه وسلم) سلمان منا أهل البيت. وفي البخاري عن أنس خرج رسول الله (صلى الله تعالى عليه وسلم) إلى الخندق فإذا المهاجرون والأنصار يحفرون بكسر الفاء في غداة باردة، فلما رأى ما بهم من النصب والجوع قال اللهم إن العيش عيش الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجره بكسر الجيم وسكون الهاء، فقالوا أي الطائفتان مجيبين له:
(نحن الذين بايعوا محمدا ... على الجهاد ما بقينا أبدا)
وقوله اللهم الخ ... هو من قول ابن رواحة فتمثل به عليه السلام، فقال الداوودي إنما قال ابن رواحة لاهم بلا ألف ولا لام فأورده بعض الرواة على المعنى، قال الحافظ وحمله على ذلك ظنه أنه يصير غير موزون وليس كذلك بل يكون دخله الخزم وقوله فاغفر الخ ... غير موزون ولعله عليه السلام تعمد ذلك ولعل أصله فاغفر للأنصار وللمهاجرة باللام في المهاجرة، وعن طاووس زيادة في آخر هذا الرجز، والعن عضلا والقارة هم كلفونا ننقل الحجارة، قال الحافظ وأوله غير موزون أيضا ولعله والعن إلهي عضلا والغارة انتهى. وعضلا بالتحريك ابن الهون بن خزيمة كما في القاموس، وفي البخاري عن البراء بن عازب قال لما كان يوم الأحزاب وخندق (صلى الله تعالى عليه وسلم) رأيته ينقل من تراب الخندق حتى وارى عني الغبار جلدة بطنه فسمعته يرتجز بكلمات ابن رواحة وهو ينقل التراب ويقول:
(اللهم لولا أنت ما اهتدينا ... ولا تصدقنا ولا صلينا)
(فأنزلن سكينة علينا ... وثبت الأقدام إن لاقينا)
(إن الأولى قد رغبوا علينا ... إذا أرادوا فتنة أبينا)
ويمد بها صوته أي بقوله أبينا. وقوله قد رغبوا أي رغبوا العدو على قتالنا، وفي رواية بالعين المهملة أي رعبوا المسلمين بتحزبهم علينا،