وقوله أبينا أي أبينا الفرار فهو بالموحدة كما رجحه عياض وبالفوقية أي أتينا وأقدمنا على العدو، وروى البيهقي عن سلمان أنه (صلى الله تعالى عليه وسلم) حين ضرب في الخندق قال باسم الإله وبه بدينا ولو عبدنا غيره شقينا فحبذا ربا وحب دينا. قال في النهاية يقال بديت بالشيء بكسر الدال أي بدأت به، ووقع في الخندق أمور من أعلام نبوءته (صلى الله تعالى عليه وسلم) منها ما في الصحاح عن جابر قال إنا يوم الخندق نحفر فعرضت كدية شديدة فجاؤا النبي (صلى الله تعالى عليه وسلم) فقالوا هذه كدية عرضت في الخندق فقام وبطنه معصوب بحجر من الجوع ولبثنا ثلاثة أيام لا نذوق ذواقا بفتح الذال المعجمة أي شيئا فأخذ النبي (صلى الله تعالى عليه وسلم) المعول بكسر الميم وسكون العين وفتح الواو أي المسحاة فضرب فعاد كثيبا أهيل أو أهيم في الشك من الراوي والمعنى أنه صار رملا يسيل ولا يتماسك وأهيم بمعنى أهيل وعند أحمد والنسائي عن البراء بن عازب لما كان حين أمرنا رسول الله (صلى الله تعالى عليه وسلم) بحفر الخندق عرضت لنا في بعض الخندق صخرة لا تأخذ فيها المعاول جمع معول وهو الفأس العظيمة التي ينقر بها قوى الصخر كما في الجوهري فاشتكينا ذلك للنبي (صلى الله تعالى عليه وسلم) فجاء وأخذ المعول من يد سلمان فقال بسم الله ثم ضرب ضربة فنشر ثلثها بشين معجمة أي قطع فخرج نور أضاء ما بين لابتي المدينة وقال الله أكبر أعطيت مفاتيح الشام والله إني لأبصر قصورها الحمر من مكاني، ثم ضرب الثانية فقطع ثلثا آخر فبرقت برقة من جهة فارس أضاء ما بين لابتيها فقال الله أكبر أعطيت مفاتيج فارس، والله إني لأبصر قصر المدائن الأبيض الآن، وفي رواية والله إني لأبصر قصور الحيرة ومدائن كسرى كأنها أنياب الكلاب من مكاني هذا، وأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها فابشروا بالنصر فسر المسلمون ثم ضرب الثالثة وقال بسم الله فقطع بقية الحجر فخرج نور من قبل اليمن فأضاء ما بين لابتي المدينة حتى كان مصباحا في جوف ليل مظلم، فقال الله أكبر أعطيت مفاتيح اليمن والله إني لأبصر