قصر رأيهم عن ما كان بين رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وبين ربه، والله تعالى لا يعجل لعجلة العباد حتى تبلغ الأمور ما أراد، قال الزهري فقد دخل في تينك السنتين في الإسلام مثل من كان دخل فيه قبل ذلك أو أكثر نقله الزرقاني، قال ابن إسحاق فإن الصحيفة لتكتب إذ دخل أبو جندل وزن جعفر بن سهيل بن عمرو وكان اسمه العاصي فتركه لما أسلم وكان منع الهجرة وعذب بسبب الإسلام وأخوه عبد الله بن سهيل حضر بدرا مع المشركين ففر منهم إلى المسلمين ثم كان مع المسلمين في الحديبية وكان أبو جندل أوثقه سهيل فخرج وتنكب الطريق وركب الجبال يرسف بكسر السين ويقال بكسرها كما في المقدمة في قيوده والرواية بالضم حتى رمى بنفسه بين المسلمين ففرحوا به فقام سهيل إلى أبي حندل فضرب وجهه وجعل يتلببه أي يجمع عليه ثوبه الذي هو لابسه ويقبض عليه نحره ثم قال يا محمد قد لجت القضية بيني وبينك قبل أن يأتيك هذا، قال صدقت، وجعل أبو جندل يصرخ بأعلي صوته: يا معشر المسلمين أرد إلى المشركين يفتنوني عن ديني فزاد الناس ذلك إلى ما بها، فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، يا أبا جندل أصبر واحتس فإنا لا نغدر وقد تم الصلح قبل أن تأتي، وتلطفت بأبيك فأبي، وإن الله تعالى جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا، فوثب عمر يمشي إلى جنبه فيقول اصبر فإنما هم المشركون وإنما دم أحدكم كدم الكلب وبدني قائم السيف منه، يقول عمرو رجوت أن يأخذ السيف فيضرب به أباه، قال فضن الرجل بأبيه ونفذت القضية ولما تم كتاب الصلح وهم ينتظرون امضاءه رمي رجل من أحد الفريقين رجلا من الفريق الآخر فكانت معاركة بالنبل والحجارة، فارتهن كل فريق من عندهم، وأمسك عليه السلام سهيل بن عمرو كما في مغازي أبي الأسود وابن عائذ وابن عقبة وامسك المشركون عثمان فبلغ النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أن عثمان قد قتل وقال لا نبرح حتى نناهز القوم، فدعا الناس إلى بيعه الرضوان