لا ضرر فيه كما صرح به في قوله كتبت كتاباً لا يضر الله ورسوله واستشكل قوله اعملوا ما شئتم فإن ظاهره الإباحة وهو خلاف عقد الشرع. وأجيب بأن هذا خطاب تشريف وإكرام تضمن أنهم حصلت لهم حالة غفرت بها ذنوبهم السالفة وصاروا بها أهلاً لأن يغفر لهم ما يلحقهم من الذنوب بعد هذه الوقعة إن وقع وليس المراد أنهم أنجزت لهم مغفرة الذنوب اللاحقة بل لهم صلاحية أن يغفر لهم ما سيقع. فقد أظهر الله تعالى صدق رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم في ذلك فإنهم لم يزالوا على أعمال أهل الجنة إلى أن فارقوا الدنيا ولو قدر صدور شيء من أحدهم لبادر إلى التوبة ولازم الطريق المثلى يقطع بذلك من أحوالهم من اطلع على سيرهم ولذا لما شرب قدامة بن مظعون من أهلها أيام عمر وحدّه رأى عمر في المنام من يأمره بمصالحة قدامة. وقيل في الجواب أن ذنوبهم تقع إذا وقعت مفغورة وما أحسن قوله:
(وإذا الحبيب أتى بذنب واحد ... جاءت محاسنه بألف شفيع)
نقله الزرقاني عن ابن حجر والقسطلاني. ثم مضى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم حتى نزل بمر الظهران في عشرة آلاف أو اثني عشر ألفاً كما مر فسبعت سليم وقيل ألفت وألفت مزينة وفي كل القبائل عدداً وأوعب المهاجرون والأنصار ولم يتخلف منهم أحد قاله الكلاعي وكان العباس أسلم قديماً فخرج بأهله وعياله مهاجراً ولقي رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بالجحفة وقيل بذي الحليفة وسار معه إلى الفتح وبعث ثقله إلى المدينة. قال البلاذري وقال له صلى الله تعالى عليه وسلم هجرتك يا عم آخر هجرة كما أن نبوءتي آخر نبوءة. وكان ممن لقيه بالطريق ابن عمه وأخوه من الرضاعة أرضعتهما حليمة. أبو سفيان بن الحارث ومعه ولده جعفر وكان غلاماً مدركاً وشهد هو وأبوه حنيناً وكان أبو سفيان يألف رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قبل البعثة ولا يفارقه فلما بعث عاداه وهجاه وأجابه حسان عنه كثيراً، قال القسطلاني وكان لقاءهما له عليه السلام بالأبواء وأسلما قبل دخوله مكة وقيل لقيه هو وعبد الله بن أبي أمية ابن عمته عاتكة بنت عبد المطلب بين السقيا بضم السين وسكون القاف قرية جامعة والعرج بفتح فسكون قرية جامعة على ثلاثة أميال في المدينة بطريق مكة وبهذا