قدموا على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وتكلموا بالإسلام فقالوا يا نبي الله إن كنا أهل ريف، واستوخموا المدينة أي كرهوا الإقامة ولم يوافقهم طعامها وفي رواية فاجتووا بجيم وواوين وهو بمعنى استوخموا فأمرهم بذود وراع أي أمرهم أن يلحقوا بهما فيشربوا من ألبانها وأبوالها فانطلقوا حتى إذا كانوا ناحية الحرة وهي بفتح الحاء وشد الراء المهملتين أرض ذات حجارة سود بظاهر المدينة كانت لها الوقعة أيام يزيد كفروا بعد إسلامهم، وقتلوا راعي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم واستاقوا الذود فبعث عليه السلام الطلب في أثارهم فأمر بهم، فسمروا أعينهم وقطعوا أيديهم وتركوا ناحية الحرة يستسقون فلا يسقون حتى ماتوا.
قال أنس فلقد رأيت الرجل منهم يكدم بكسر الدال وضمها، أي يعض الأرض بفيه حتى مات.
وللدمياطي وابن سعد أنها كانت خمس عشرة لقحة له صلى الله تعالى عليه وسلم، واللقحة بكسر اللام وسكون القاف جمعها لقاح بالكسر ويقال لها ذلك إلى ثلاثة أشهر ثم هي لبون وفي صحيح مسلم أن السرية التي بعث في طلبهم كانت قريبا من عشرين فأرسا من شباب الأنصار انتهى. وقوله ريف هو بكسر الراء أرض ذات زروع. وفي رواية للبخاري فأمرهم أن ياتوا ابل الصدقة وجمع بينهما بأن إبل الصدقة كانت ترعى خارج المدينة وصادف بعثه عليه السلام بلقاحه إلى المرعى طلب هؤلاء للخروج، وقوله وقتلوا راعي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وعند ابن حبان ثم مالوا على الرعاء فقتلوهم فيحتمل أن لأبل الصدقة رعاة فقتل بعضهم مع راع اللقاح، ويحتمل أن بعض الرواة تجوز في الإتيان بالجمع وهذا أرجح لأن أصحاب المغازي لم يذكر أحد منهم أنهم قتلوا غير يسار بحتية فمهملة خفيفة راع اللقاح.
وفي صحيح أبي عوانة فقتلوا أحد الراعيين وجاء الآخر قد جزع فقال قد