ومحدث على ثلثي فرسخ من مكة مات أبو رغال فرجمت العرب قبره فهو القبر الذى يرجم إلى اليوم ثم أرسل ابرهة خيلا له عليها رجل من الحبشة يقال له الأسود بن مفصود بفاء وصاد مهملة وأمره بالغارة فاستاق إبل قريش وغنمها وفيها مائتا بعير لعبد المطلب وقيل له فيها أربعمائة ناقة وهمت قريش وكنانة وهذيل ومن كان بالحرم بقتاله ثم عرفوا انهم لا طاقة لهم فتركوه وركب عبد المطلب في قريش فلما طلع جبل ثبير استدارت دارة غرة رسول الله صلى الله عليه وسلم على جبهته واشتد شعاعها حتى صار مثل الشمس ومعنى استدارة الدرة حصولها فلما نظر عبد المطلب إلى ذلك قال يا معشر قريش ارجعوا فقد كفيتم هذا الأمر فوالله ما استدار هذا النور مني إلا أن يكون لنا الظفر فرجعوا ثم إن ابرهة أرسل حناطة بضم المهملة الحميري وقال سل عن سيد أهل هذا البلد ثم قل له ان الملك لم يأت لحربكم إنما جاء لهدم هذا البيت فإن لم تتعرضوا دونه فلا حاجة له بدمائكم فإن هو لم يرد حربا فأتني به فسأل فقيل له عبد المطلب فقال ما أمره به ابرهة فقال عبد المطلب والله لا نريد حربه وما لنا بذلك من طاقة هذا بيت الله الحرام وبيت خليله ابراهيم فإن يمنعه فهو بيته وحرمه وإن يخلي بينه وبينه فوالله ما عندنا دفع عنه قال حناطة فانطلق معه عبد المطلب ومعه بعض بنيه فتكلم أنيس سائس فيل ابرهة فقال أيها الملك هذا سيد قريش ببابك يستأذن عليك وهو صاحب عز مكة ويطعم الناس في السهل والوحوش والطير في رؤوس الجبال فأذن له ابرهة وكان عبد المطلب أجمل الناس وأعظمهم فعظم في عين ابرهة فأجله أن يجلس تحته وكره ان تراه الحبشة يجلس معه على سرير ملكه فنزل عن سريره وجلس على بساطه وأجلسه معه إلى جنبه ثم قال لترجمانه قل له ما حاجتك قال حاجتي أن يرد علي مائتي بعير أصابها فقال لترجمانه قل له كنت أعجبتني حين رأيتك ثم قد زهدت فيك تكلمني في مائتي بعير وتترك بيتا هو دينك ودين آبائك لا تكلمني فيه، فقال عبد المطلب إني أنا رب الإبل وإن للبيت ربا سيمنعه. قال ما كان ليمنع مني، فقال أنت وذاك،