من الرعد ومن هدير البعير كما ضبطه البرهان وفي نسخ ارتجاج بجيمين أي تحركه واهتزازه فكأنه لما صوت تحرك وهو بناء أزج بفتحتين أي بنى طولا فإنه ارتج حتى سمع صوته وانشق لا لخلل في بنائه وقد كان بناؤه بالمدائر محكما مبنيا بالآجر الكبار والجص، سمكه مائة ذراع في طول مثلها وقد أراد الخليفة الرشيد هدمه لما بلغه أن تحته ما لا عظيما فعجز عن هدمه وإنما أراد الله أن يكون آية باقية لنبيه صلى الله عليه وسلم قاله الزرقاني.
(وخرس الملوك) يقال خرس كفرح، انعقد لسانه عن الكلام ومراده والله أعلم انهم لما رأوا منا ما حدث تلك الليلة من الحوادث الخارقة العادة علموا أنه حدث عظيم وخطب جسيم فارتج عليهم في الكلام لما رأوا من الحوادث العظام حتى صاروا يبعثون إلى من يظن به علم بهذا الشأن من علماء أهل الكتاب والكهان فهذا هو مراده بخرسهم والله أعلم. ألا ترى ما روي أن كسرى لما سقطت شرفات إيوانه لم يدر ما سبب ذلك ولم يتكلم فيه، فبعث عبد المسيح الغساني إلى سطيح يسأله هل له علم بذلك. روي أنه لما ولد صلى الله عليه وسلم ارتعد إيوان كسرى وسقطت منه أربع عشرة شرفة وكتب إليه صاحب اليمن بأن بحيرة ساوة غاضت تلك الليلة وكتب إليه صاحب فارس بأن النيران التى كانوا يعبدونها خمدت تلك الليلة ولم تكن خمدت قبل ذلك بألف عام وكتب إليه صاحب الشام بأن وادي السماوة انقطع جريه تلك الليلة ثم أخبره المويذان ومعناه القاضي والمفتي بلغتهم أنه رأى إبلا صعابا تقود خيلا عرابا فانتشرت في بلادهم، فأرسل عبد المسيح الغساني إلى سطيح الكاهن يستخبره علم ذلك وكان سطيح جسدا ملقى لا جوارح له ووجهه في صدره ولم يكن له رأس ولا عنق لا يقدر على الجلوس إلا إذا غضب انتفخ وقد قيل له أني لك هذا العلم فقال لى صاحب من الجن استمع أخبار السماء من طور سيناء حين كلم الله موسى عليه السلام فهو يؤدي إليه من ذلك ما يؤدي فلما تقدم عبد المسيح عليه وجده قد أشفى على الموت فسلم عليه فلم يرد عليه جوابا فأنشأ عبد المسيح يقول: