عن بلال أنه لما نزل بداريا رأي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وهو يقول ما هذه الجفوة يا بلال؟ أما إن لك أن تزورني، فانتبه حزينا خائفا، فركب راحلته فأتى قبر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فجعل يبكي ويمرغ وجهه عليه، فأقبل الحسن والحسين فجعل يضمهما ويقبلهما فقالا نتمنى أن نسمع أذانك الذي كنت تؤذن به للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم في المسجد فعلا سقف المسجد ووقف موقفه الذي كان يقف فيه، فلما قال الله أكبر ارتجت المدينة، فلما قال اشهد أن لا إله إلا الله زادت رجتها، فلما قال أشهد أن محمدا رسول الله خرجت العواتق من خدورهن، وقالوا ابعث رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم؟ ! فما روي يوما أكثر باكيا ولا باكية بالمدينة بعده صلى الله تعالى عليه وسلم، أكثر من ذلك اليوم وتفي بلال كما في المواهب سنة سبع عشر، أو ثمان عشرة أو عشرين بداريا وله بضع وستون سنة وقيل دفن بحلب وقيل بدمشق. وداريا بفتح الدال والراء والياء الثقيلة قاله الزرقاني.
والثاني من المؤذنين عمر عند الأكثر وقيل اسمه عبد الله ولا يمتنع انه كان له اسمان ابن أم مكتوم وهي عاتكة بنت عبد الله المخزومية زعم بعضهم أنه ولد أعمى فكنيتب به أمه لاكتتام نور بصره والمعروف أنه عمي بعد بدر بسنتين كذا في الفتح، وتعقب بأن نزول عبس كان بمكة قبل الهجرة فلعل أصله بعد البعثة، قاله الزرقاني وهو قرشي، عامري، وهو ابن خال خديجة أسلم قديما وهاجر إلى المدينة قبل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وكان عليه السلام يكرمه واستخلفه ثلاث عشرة مرة وشهد القادسية في خلافة عمر ومعه اللواء واستشهد بها، قاله الزبير بن بكار وقيل رجع للمدينة فمات بها.
والثالث سعد بن عائذا وابن عبد الرحمن المعروف بسعد القرظي بالإضافة، وهو بالتحريك، ورق السلم كان يتجر فيه فأضيف إليه وبالقرظي بياء النسب نسبة للقرظ بالتحريك أيضا، قال الزرقاني