سيره وربطه بصرخة ببيت المقدس وصلاته بالأنبياء فيه وعروجه إلى المحل الذي لم يصل إليه غيره ورؤيته لله تعالى وكلامه إياه ورؤيته جبريل على صورته التي خلق عليها ورؤية الجنة وتعليمه الأذان وصلاته بالأنبياء في السماء وغيره ذلك، وأخبرهم بصفة بيت المقدس ففي مسلم لقد رأيتني في الحجر وقريش تسألني عن أشياء أي من بيت المقدس لم أثبتها أي لم أضبطها فكربت بالبناء للمجهول كرباً أي غماً يأخذ بالأنفس ما كربت مثله قط فرفعه الله تعالى لي لأنظر إليه وما سألوني عن شيء إلا أنبأتهم وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه في حديث الإسراء عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال لما رجعت إلى خديجة وما تحولت عن جانبها أي إلى جانب آخر منها وفيه إشعار بتقليل زمن الإسراء مع أنه كان إلى مقام قاب قوسين أو أدنى ولعله، صلى الله تعالى عليه وسلم، أول ما رجع دخل على خديجة انتهى من الشفا وشرح القاري له.
تنبيه:
قد مر للنظام أن الإسراء كان ورسول الله، صلى الله تعالى عليه وسلم، ابن أشهر وواحد وخمسين عاماً وذلك ينافي أن خديجة رضي الله تعالى عنها أدركت الإسراء لأنها ماتت هي وأبو طالب في آخر السنة العاشرة من البعث بعد انقضاء الحصار والحديث المار آنفاً عن الشفا صريح في أنها أدركت الإسراء والجواب أن الذي قاله الزهري ورجحه عياض والقرطبي والنووي ثلاثتهم في شرح مسلم أنه كان بعد المبعث بخمس سنين وفي الفتح عن الزهري أنه قبل الهجرة بخمس سنين انظر والمواهب وشرحها وفي شرح ابن سلطان أن النووي ذكر أن معظم السلف وجمهور المحدثين والفقهاء أن الإسراء بعد المبعث بستة عشر شهراً انتهى. وهذا يفيد أن الراجح إدراك خديجة للإسراء وإن اختلف العزو فيه للنووي لكن صدر في الشفا بأنه قبل الهجرة بسنة وفي ابن سلطان أن السبكي اختاره والله تعالى أعلم قاله مؤلفه سمح الله تعالى له.