للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وكم من الأشجار إذ دعوتا ... أتت مطيعة لما أمرتا)

كم مبتدأ وخبره أتت، ومطيعة منصوب على الحال في فاعل أتت، وما مصدرية أي مطيعة، لأمرك ويصح أنها موصول اسمي، أي للذي أمرتها به، ومعنى البيت أن كثيراً من الأشجار جاءت مطيعة ومنقادة لأمره عليه السلام حين دعاها. فمن ذلك ما في مسلم عن جابر أنه ذهب، صلى الله تعالى عليه وسلم، يقضي حاجته، فلم ير شيئاً يستتر به، فإذا بشجرتين بشاطئ الوادي فانطلق، صلى الله تعالى عليه وسلم، إلى إحداهما فأخذ بغصن من أغصانها فقال انقادي علي بإذن الله تعالى، فانقادت معه كالبعير المخشوش يصانع قائده وذكر أنه فعل بالأخرى كذلك، حتى إذا كان بالمنصف بينهما قال التئما علي بإذن الله فالتأمتا. وفي رواية قال يا جابر قل لهذه الشجرة يقول لك رسول الله الحقي بصاحبتك حتى يجلس خلفكما رسول الله فرجعت حتى لحقت بصاحبتها وجلس خلفهما، فخرجت أحضر وجلست أحدث نفسي فالتفت فإذا رسول الله، صلى الله تعالى عليه وسلم، مقبلاً والشجرتان قد افترقتا نقله في السفا، وقوله المخشوش بخاء وشينين معجمات أي الذي جعل في أنفه خشاش وهو بالكسر عود يربط عليه حبل ويجعل في أنفه لينقاد بسهولة وإن كان من شعر فهو خزامة وإن كان من صفر أو حديد فهو برة بضم الموحدة وتخفيف راء ويصانع يلاينه وينقاد له، والمنصف بفتح الميم وسكون الميم وفتح الصاد وتكسير الوسط والالتئام الاجتماع، والحقي بفتح الحاء وزحفت بفتح الزاء والحاء والفاء انتقلت من محلها وفي رواية فرجعت أي عن حالتها، وأحضر بضم الهمزة وسكون الحاء المهملة وكسر المعجمة أي أعد أو اجر وإنما فعل ذلك ليلاً يحس عليه السلام بأنه قريب منه فيتأذى بقربه. وقوله أحدث نفسي أي بهذا الأمر الغريب قاله ابن سلطان ومن ذلك حديث يعلى بن سيابة وهي أنه وأبوه مرة بن وهب الثقفي قال كنت مع النبي، صلى الله تعالى عليه وسلم، في مسير فأمر وديتين فانضمتا وفي رواية اشاء تين وسيابة بسين مهملة بعدها تحتية مخففة مفتوحتين فألف فموحدة

<<  <  ج: ص:  >  >>