للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقامات، أما حاله مع الملأ الأعلى فكان على خلاف ذلك، فإن جبريل أتاه في مرضه ثلاثة أيام يقول له كل يوم إن الله أرسلني إليك إكراماً وإعظاماً وتفضيلاً يسألك عما هو أعلم به منك، كيف تجدك؟ وجاءه في اليوم الثالث بملك الموت فاستأذنه في قبض روحه الشريفة فأذن له ففعل، قال البيجوري. وقال جسوس فمئال المنكرات والسكرات واحد وفي الشمائل أيضاً عن عائشة قالت لا أغبط أحداً بهون موت بعد الذي رأيت من شدة موت رسول الله، صلى الله تعالى عليه وسلم، وأغبط بكسر الموحدة من الغبطة وهي أن يتمنى أن يكون له مثل ما للغير من غير أن تزول عنه، وهون الموت سهولته ومرادها بذلك إزالة ما تقرر في النفوس، من تمني سهولة الموت لأنها لما رأت شدة موته، صلى الله تعالى عليه وسلم، علمت أنها ليست علامة ردية بل مرضية فليست شدة الموت علامة على سوء حال الميت ولا سهولته علامة على حسن حاله. والحاصل أن الشدة ليست علامة على سوء ولا ضده والسهولة ليست إمارة على خير ولا ضده انتهى من البيجوري.

وفي المواهب عن ابن مسعود دخلت على النبي، صلى الله تعالى عليه وسلم، وهو يوعك وعكاً شديداً أي يحم فقلت يا رسول الله إنك توعك وعكاً شديداً قال أجل إني أوعك كما يوعك رجلان منكم، قلت ذلك إن لك لأجرين قال أجل كذلك، ما من مسلم يصيبه أذى شوكة فما فوقها إلا كفر الله بها سيئاته كما تحط الشجرة ورقها رواه البخاري. والوعك بفتح الواو وسكون العين المهملة وقد تفتح الحمى وقيل ألم الحمى، وقيل ارعادها الموعك وتحريكها إياه وكان عليه صلوات الله وسلامه عليه قطيفة فكانت الحمى تصيب من يضع يده عليه من فوقها، فقيل له في ذلك، فقال إنا معاشر الأنبياء كذلك، يشدد علينا البلاء وتضاعف لنا الأجور. واعلم أنه عليه السلام استأذن أزواجه في مرضه أن يقيم في بيت عائشة فإذن له فأقام عندها سبعاً. وفي الطبراني أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل، انتهى كلام المواهب مع يسير من كلام الزرقاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>