وفي الشمائل عن أنس قال: لما وجد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم من كرب الموت أي شدة ما وجد قالت فاطمة: وا ... كرباه ... فقال النبي، صلى الله تعالى عليه وسلم، لا كرب على أبيك بعد اليوم. قال جسوس في شرحه نقلاً عن ابن سلطان بين لها أن كرب أبيها سريع الزوال منتقل إلى حسن الحال فأنت أيضاً لا تكربي فإن محن الدنيا فانية وإن العبرة بالمحن الباقية انتهى.
وآخر الحديث الماضي أنه قد حضر بأبيك ما ليس بتارك منه أحداً والموافاة يوم القيامة، قال جسوس هذه تسلية أخرى سلاها أولاً بأن ذلك الكرب غير مستمر وإنما هو منقطع بالقرب وثانياً بأن هذا الأمر النازل عام لجميع الخلائق والمصيبة إذا عمت هانت فاصبري ولا تحزني والموافاة الملاقاة يوم القيامة وموت العارفين مجرد انتقال من هذه الدار الضيقة الأقطار الموسومة بالفناء ودوام الأكدار إلى دار النعيم المقيم ولذلك يتمنون الموت وهو أحب إليهم من البقاء وقد كتب سيدي رضوان عند وفاته:
(قرب الرحيل إلى الحبيب فمرحبا ... أهلاً به أهلاً وسهلاً مرحباً)
وينسب للإمام أبي حامد الغزالي:
(قل لإخوان رأوني ميتاً ... فبكوني ورثوني حزنا)
(أتخالون بأني ميتكم ... ليس ذاك الميت والله أنا)
إلى أن قال:
(كنت قبل الموت ميتاً بينكم ... فحييت وخلعت الكفنا)
(وأنا اليوم أناجي ملكا ... وأرى الله جهارا علنا)
إلى أن قال:
(لا ترعكم هجمة موتي فما ... هي إلا نقلة من ها هنا)
(لا تظنوا الموت موتا إنه ... لحياة هي غايات المنى)