عليه وسلم، إلا رجل وهو أبو بكر رضي الله تعالى عنه. فإن الله تعالى أيده بقوة السكينة فقال أيها الناس من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت. فصار الكل مقهوراً تحت سلطان مقالته لما بسط الله تعالى عليه من نور جلالته، فالشمس بطلوعها يندرج في شعائها أنوار الكواكب، انتهى.
(ولم يكن أثبت فيهم من أبي ... بكر)
أثبت بالرفع اسم يكن وفيهم خبره، يعني أن أبا بكر رضي الله عنه لما يكن في الصحابة عند وفاته، صلى الله تعالى عليه وسلم، أحد أثبت منه قلباً ولا أشد جلداً، فلم يقع له عند نزول هذه المصيبة العظمى والداهية الدهياء ما وقع لغيره من أكابر الصحابة بل وجد عنده من العلم والقوة والثباة ونور اليقين المانع من استيلاء المصائب على قلبه ما لم يوجد عند غيره، ووافقه على ذلك العباس عمه، صلى الله تعالى عليه وسلم، كما أشار له الناظم بقوله:
( ... وعمه الرضى العباس)
قوله عمه بالجر عطف على أبي بكر والرضى بالكسر والقصر المرضي نعت له والعباس بدل من عمه ومعنى كلامه أن أصحابه، صلى الله تعالى عليه وسلم، ليس فيهم إذ ذاك من هو أثبت قلباً من أبي بكر والعباس بن عبد المطلب رضي الله تعالى عنهما. فروى ابن إسحاق وعبد الرزاق والطبراني أن العباس قال لعمر هل عندكم عهد من رسول الله، صلى الله تعالى عليه وسلم، في ذلك؟ قال لا. قال فإنه قد مات! ولم يمت حتى حارب وسالم ونكح وطلق وترككم على محجة واضحة، وهذا من موافقة العباس للصديق، قاله الزرقاني. ووافقهما أيضاً المغيرة بن شعبة ففي المواهب من رواية الإمام أحمد عن عائشة قالت سجيت رسول الله، صلى الله تعالى عليه وسلم، ثوباً فجاء عمر والمغيرة بن شعبة واستاذنا فأذنت لهما وجذبت الحجاب فنظر إليه عمر فقال