للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منهم من لم يكن يملأ عينيه منه، صلى الله تعالى عليه وسلم.

(( ... ) وأكملا خلقا وخلقا بل لعمري أفضلا)

يعنى أنه صلى الله تعالى عليه وسلم كان أكمل من جميع الخلق في الخلق بفتح المعجمة وسكون اللام وهو ما يرجع إلي صورته الظاهرة وفي الخلق بضمتين وهو ما يرجع إلي الأوصاف الباطنة كالشجاعة والحلم والصبر والحياء والكرم ووفور العقل الذي هو أصل كل كمال والجود والسخاء والاحتمال أما الشجاعة فهي قوة القلب عند البأس وكان عليه السلام أشجع الناس وما ولى العدو ظهره قط، وتأمل ما تقدم مما وقع له يوم حنين وهو راكب على البغلة التي لا تصلح للكر ولا للفر ومع ذلك يركضها في نحور العدو وينادي باسمه ووصفه الذي هو موجب غضبهم عليه وتكذيبهم له: أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب، صلى الله تعالى عليه وسلم، وأما الحلم فهو حالة توقر وثبات عند الأسباب المحركات للغضب الباعث على العجلة في العقوبة والصبر حبس النفس على ما تكره فهو أعم من الحلم، فالصبر يكون على العبادة وعن المعصية وفي المصيبة وأما الجود والكرم والسماحة ومعانيها متقاربة فلا شك أنه، صلى الله تعالى عليه وسلم، كان منها بالمحل الذي لا يدركه غيره. وفرق بعضهم بين هذه الحقائق فقال الكرم الإنفاق بطيب النفس أي انبساطها فيما يعظم خطره بفتحتين ويسكن أي قدره والانتفاع به فلا يطلق على ما يقل نفعه وسموه مزية وهو ضد النذالة والسماحة التجافي عما يستحقه المرء عند غيره بطيب نفس وهو ضد الشكاسة أي صعوبة الخلق والسخاء سهولة الإنفاق على الأقارب والأجانب والغني والفقير وقال بعضهم من أعطى البعض فهو سخي ومن بذل الأكثر فهو جواد، ومن بذل الكل فهو كريم. وأما الحياء فهو رقة تعترى وجه الإنسان عند فعل ما يتوقع كراهته أو ما يكون تركه خيرا من فعله وكان عليه السلام أشد الناس حياء، انتهى من الشقا وشرح ابن

<<  <  ج: ص:  >  >>