للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علمك بذلك؟ قال إنكم حين أشرفتم من العقبة لم يبق حجر ولا شجر إلا خر ساجدا ولا يسجدان إلا لنبي وصبّ بصاد مهملة فموحدة مشددة اشتاق، قال السهيلي الصبابة رقة الشوق يقال صببت بكسر الباء أصب، وقراء {أصب إليهن}، وروي أنهم لما نزلوا قريبا من صومعته صنع لهم طعاما كثيرا ووذلك أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الركب حين أقبلوا وغمامة تظله من بين القوم ثم أقبلوا ونزلوا ظل شجرة قريبا منه فنظر إلى الغمامة وأظلت الشجرة وتهصرت أغصان الشجرة على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى استظل تحتها، فلما رأي ذلك بحيرا نزل عن صومعته وقد أمر بذلك الطعام فصنع ثم أرسل إليهم إني قد صنعت لكم طعاما يا معشر قريش وأنا أحب أن تحضروه كلكم صغيركم وكبيركم أحراركم ووعبيدكم، فقال رجل منهم والله يا بحيرا إن لك اليوم لشأنا ما كنت تصنع هذا بنا، وقد كنا نمر بك كثيرا فما شأنك اليوم؟ فقال له بحيرا صدقت ولكنكم ضيف وقد أحببت إكرامكم. فاجتمعوا إليه وتخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم لحداثة سنه في رحال القوم فلما نظر بحيرا في القوم لم ير الصفة التي يعرف ويجد عنده فقال يا معشر قريش لا يتخلفن أحد منكم عن طعامي! قالوا والله ما تخلف إلا غلام هو أحدث القوم سنا، قال لا تفعلوا ادعوه فليحضر! فقال رجل من قريش ان كان للؤما بنا أن يتخلف ابن عبد الله بن عبد المطلب عن طعام من بيننا فقام إليه الحارث بن عبد المطلب فاحتضنه وأجلسه مع القوم فلما رآه بحيرا جعل يلحظه لحظا شديدا وينظر إلى أشياء من جسده قد كان يجدها عنده من صفته حتى إذا فرغ القوم من طعامهم وتفرقوا قام إليه بحيرا فقال له يا غلام أسألك بحق اللات والعزى إلا ما أخبرتني عما أسألك عنه. وإنما قال له ذلك لأنه سمع قومه يحلفون بهما فقال له رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، لا تسألني باللات والعزى فو الله ما أبغضت شيئا قط بغضهما، فقال له بحيرا بالله إلا ما أخبرتني عما أسألك عنه، فقال له سلني عما بدا لك، فجعل يسأله عن أشياء من حاله، من نومه ويقظته وهيأته

<<  <  ج: ص:  >  >>