وأموره ويخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم فيوافق ذلك ما عند بحيرا من صفته ثم نظر إلى ظهره فرأى خاتم النبوءة فلما فرغ أقبل على أبى طالب فقال ما هذا الغلام منك؟ فقال ابني، فقال ما هو بابنك وما ينبغي لهذا الغلام ان يكون أبوه حيا، قال انه ابن أخي، قال ما فعل أبوه؟ قال مات وأمه حبلى به. قال صدقت! فارجع بابن أخيك إلى بلده واحذر عليه يهود، فو الله لإن رأوه وعرفوا منه ما عرفت ليبغتنه شرا فإنه كائن لابن أخيك هذا شأن عظيم فاسرع به إلى بلده. فخرج به أبو طالب سريعا حتى أقدم به مكة حين فرغ من تجارته بالشام.
قوله تهصرت بالصاد المهملة المشددة أي مالت وتدلت، وروى أنه وجدهم سبقوه لفيئها فجلس فمال إليه في الشجرة، وروي أنه في هذه السفارة أقبل سبعة من الروم يقصدون قتله عليه السلام فاستقبلهم بحيرا فقال ما جاء بكم؟ قالوا هذا النبي خارج في هذا الشهر فلم يبق طريق إلا بعث إليها بأناس، فقال أفرأيتم أمرا أراد الله أن يقضيه هل يستطيع أحد من الناس رده؟ قالوا لا، فبايعوه وأقاموا معه ورده أبو طالب. وفي الترمذي أن بحيرا قال أنشدكم بالله أيكم وليه؟ قالوا أبو طالب، فلم يزل يناشده حتى رده أبو طالب وبعث معه أبو بكر بلالا قال البيهقي هذه القصة مشهورة عند أهل المغازي وضعفه الذهبي بأن أبا بكر لم يبلغ إذ ذاك عشر سنين وبأن بلالا لم يكن خلق، قال اليعمري ولم يملكه أبو بكر إلا بعد ذلك بأزيد من ثلاثين عاما وقال ابن حجر رواته ثقات وهذه اللفظة يحتمل أنها مدرجة مقتطعة من حديث آخر وهما أي غلطا من أحد رواته فلا يحكم على جميع الحديث بالضعف اهـ.
وبحيرا بفتح الموحدة وكسر المهملة وسكون المثناة التحتية آخره راء مقصورة قاله في المواهب، وإلى هذه القصة أشار أبو طالب بأبيات من قوله:
(فلما هبطنا أرض بصرى تشوفوا ... لنا فوق دور ينظرون جسام)
(فجاء بحيرا عند ذلك حاشدا ... لنا بشراب عنده وطعام)
(فقال اجمعوا أصحابكم لطعامنا ... فقمنا جميع القوم غير غلام)