للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذلك علي فربما تركت الحديث إذا لم أفقهه، وربما كتبته وبينته، وربما لم أقف عليه، وربما أتوقف عن مثل هذه؛ لأنه ضرر على العامة أن يكشف لهم كل ما كان من هذا الباب، فيما مضى من عيوب الحديث؛ لأن علم العامة يقصر عن مثل هذا" (١)، ومثله الإمام أحمد فقد كان يكره أن يروي عن الكوفيين والمدنيين المسائل المستقبحة إذا حكيت لمن يخاف أن ينتقصهم بسببها، قال شيخ الإسلام: "إن كثيرا ممن يسمع كلمات العلماء الغليظة، قد لا يعرف مخرجها، وكثيرا من الناس يروونها رواية مُتَشَفٍّ متعصب. . . ولو علم السبب في ذلك الكلام، وهوى (٢) رشده، لكان اعتباره بمن سلف يكفه عن أن يقع في أقبح مما وقع فيه أولئك (٣)، ولكان شغله بصلاح نفسه استغفارا وشكرا، شغله عن ذكر عيوب الناس على سبيل الاشتفاء والاعتصاب" (٤).

وفي الكلام السائر أن لحوم العلماء مسمومة، وعادة اللَّه في هتك أستارهم معلومة (٥)، وقد اعتنى علماء الجرح والتعديل بذكر هذا في جملة


(١) رسالة أبي داود لأهل مكة (٣٢ - ٣٣).
(٢) كذا ولعلها: وهُدي.
(٣) حيث أنكر عليهم مسائل ووقع فيما هو أقبح مما عابه.
(٤) الفتاوى الكبرى (٣/ ١٧٣، ١٧٧) وهذا المبحث مهم جدا في بيان فضل العلماء وبيان خطورة الوقيعة فيهم، هذا إذا صدر منهم خطأ واضح، أما إن كان الكلام رجما بالغيب وتقولا عليهم ما لم يقولوا أو يفعلوا فالأمر أخطر وأشد واللَّه المستعان.
(٥) انظر الصارم المسلول (٢/ ٣١٧)، وتبيين كذب المفتري لابن عساكر (٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>