للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[التحليل والتعليق]

تضمن أثر المعلى بن زياد بيان خطورة القيام على حكام الجور، وعدم جدواه، وأن غاية المرء منه أن يعرض نفسه للبلاء الذي قد لا يصبر عليه، وقد ذكر شيخ الإسلام أن ذلك من حكمة الشرع في النهي عن الخروج فقال: "إذا قال القائل: إن عليا والحسين إنما تركا القتال في آخر الأمر للعجز؛ لأنه لم يكن لهما أنصار، فكان في المقاتلة قتل النفوس، بلا حصول المصلحة المطلوبة، قيل له: وهذا بعينه هو الحكمة التي راعاها الشارع -صلى اللَّه عليه وسلم- في النهي عن الخروج على الأمراء" (١)، وذكر ابن القيم أن النهي عن الخروج: "سدا لذريعة الفساد العظيم، والشر الكبير بقتالهم، كما هو الواقع؛ فإنه حصل بسبب قتالهم والخروج عليهم من الشرور أضعاف أضعاف ما هم عليه، والأمة في تلك الشرور إلى الآن" (٢)، ولهذا ذكر حنبل أن الذين نهاهم الإمام أحمد عن الخروج: "لم يُحْمَدوا، ولم ينالوا ما أرادوا، اختفوا من السلطان وهربوا، وأُخذ بعضهم فحبس، ومات في الحبس" (٣)، وقال شيخ الإسلام: "الفساد في القتال والفتنة أعظم من الفساد الحاصل بظلمهم بدون قتال ولا فتنة، فلا يدفع أعظم الفسادين بالتزام أدناهما، ولعله لا يكاد يعرف طائفة خرجت على ذي سلطان إلا وكان في خروجها من الفساد ما هو أعظم من الفساد الذي أزالته" (٤).


(١) منهاج السنة (٤/ ٥٣٦).
(٢) إغاثة اللهفان (١/ ٣٦٩)، وانظر إعلام الموقعين (٣/ ١٥٩).
(٣) ذكر محنة الإمام أحمد (٧٠ - ٧٢).
(٤) منهاج السنة (٣/ ٣٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>