تضمنت الآثار السابقة موقف المسلم عند هيجان الفتن، واضطراب أمور الناس، أو استشراء ظلم الحكام وبطشهم بالرعية، وانتشار المنكرات العلنية، ويتلخص هذا الموقف في:
لزوم البيوت: وهو ما عبرت عنه الآثار عن كثير من البدريين الذين لم يخرجوا من بيوتهم بعد موت عثمان -رضي اللَّه عنه- إلا إلى المقابر والجنازات، ووصية بعضهم لمن سأله عن المخرج بأن يكونوا أحلاس بيوتهم، وإذا اشتدَّ الخطب لم يحضروا ترك الجمعة والجماعات، وهكذا الأمر عند حيف الأئمة وانتشار الظلم والمنكرات كانوا يلزمون بيوتهم خشية التأثم من رؤية المنكر وعدم إنكاره.
عدم الخوض ففي شيء من الفتن: ومن هنا مدحوا النُّوَمَة، وفسروه بأنه الذي لا يدخل مع الناس فيما هم فيه، أو الذي لا يعرفون ما في نفسه، وكلاهما متلازمان، وأمروا بكفّ اليد، وإمساك اللسان، ومعالجة القلب، بل هذه نصيحتهم حتى لغير المسلمين.
ولا شك أن هذين المسلكين من أهم ما المسلم به نفسه من الفتن، فيَسلم ويُسلم منه، فلا يكون وقودا لنارها، ولو سلك الناس هذان
(١) إسناده ضعيف، فيه عصام بن طليق ضعيف كما في التقريب (٤٦١٤)، كتاب التوكل (٩١) رقم (٥٦).