تضمنت الآثار السابقة ذكر بعض أنواع عذاب أهل النار، فمن ذلك أنهم لا يتنفسون، بل يتردد الهواء دخل أجوافهم، يعذبون بالبرد كما يعذبون بالحر، يستغيثون من الحر، فيغاثون بريح بارد يكسر العظام، يتبرأ بعضهم من بعض، ويلعن بعضهم بعضا، ثم ينساهم اللَّه -عزَّ وجلَّ- فلا يذكرهم أبدا، لا يهدؤون ولا ينامون ولا يموتون، يصيبهم الجرب بأذاهم المؤمنين، فيحتكون حتى تبدو عظامهم، تبدل جلودهم كلما نضجت، في اليوم مرات عديدة، تلفحهم النار، فلا تبقي عظما على لحم، وهم فيها كالحون، تبدو أسنانهم، وتقلص شفاههم، لو أنزل شيء من طعامهم أو شرابهم على أهل الدنيا لأفسد عليهم معاشهم، منهم من يربط بنواعير من نار، ضرس الكافر فيها كجبل أحد، وإن أخفهم عذابا من له نعلان وشراكان من نار، أضراسه جمر، ومسامعه جمر، وأشفار عينيه من لهب النار، تخرج أحشاؤه من قدميه، وسائرهم كالحَبِّ القليل في الماء الكثير وهي تفور (١).
(١) وانظر التخويف من النار (١٨٩ - ٢٠٢)، والعاقبة للإشبيلي (٣٦٠ فما بعدها)، والترغيب والترهيب للمنذري (٤/ ٢٥٦ فما بعدها)، ويقظة أولي الاعتبار (١٤٢ فما بعدها).