تضمنت الآثار السابقة بيان منهج السلف العام في التعامل مع حكام الجور والظلم، وطريقتهم في الإنكار عليهم، ويمكن إجمال ما تضمنته هذه الآثار في منهجهم في أنهم كانوا يحرصون على إبقاء الإنكار القلبي والحفاظ عليه، وقطع الأسباب التي تضعفه أو تميته، كالاسترسال في النظر إلى مراكبهم الفخمة، ثم الإنكار حسب الإمكان، فإن كان ولا بد ففيما بينك وبين الأمير، وألا يكون له فتنة بقيامه له أمام الناس، ومن صفاتهم التحمل للأئمة، ولا يعني هذا أنهم يداهنون الحكام أو يبررون لهم أفعالهم النكرة، وإنما هم يعرفونها ويقرون لمن ذكرها إنكاره، لكن ينكرون أسلوب معالجتها، ولذلك أجاب قدامة بن عترة الخوارج لما ذكروا ما ينقمونه على السلطان:"أنا مثل الذي أنتم عليه، ما لم تشهروا علينا السلاح، فإذا شهرتم علينا السلاح فأنا منكم بريء"، فهذه هي القاعدة العامة، معرفة المنكر، وإنكاره بالقلب، والتحمل وعدم التسرع بالقيام والتشهير، ثم محاولة الإصلاح بالنصيحة، وذلك سرا فيما بينه وبينه، قال ابن رجب: "دلت هذه الأحاديث كلها على وجوب إنكار المنكر بحسب القدرة عليه، وأما إنكاره بالقلب فلا بد منه، فمن لم ينكر قلبه المنكر دل على ذهاب الإيمان من قلبه. . . وأما الإنكار باللسان واليد فإنما يجب بحسب الطاقة. . . الإنكار بالقلب فرض على كل مسلم، في كل حال، وأما الإنكار باليد واللسان، فبحسب القدرة. . . - ثم تكلم على التغيير باليد