للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[التحليل والتعليق]

تضمنت الآثار السابقة في هذا المطلب بيان بعض المسائل المتعلقة بنوع مهم من أنواع توحيد العبادة ألا وهو التوكل، حيث اشتملت العناصر الثلاثة على فضله وتعريفه وعلاقته باتخاذ الأسباب:

فأما فضله فقد تضمنت الآثار بيان فضله من أوجه عديدة؛ فمنها: أن اللَّه يكفى المتوكِّلَ عليه كما في أثر علي -رضي اللَّه عنه- وهدَّاب البصري، وبيان ذلك أن التوكل على اللَّه من أهم الأسباب لحصول النفع ودفع الضر، وليس التوكل مجرد عبادة محضة لا تأثير لها في حصول المقصود، بل هو سبب يحصل به ما يرجوه العبد من ربه، وقد ذكره اللَّه في معرض الترغيب فيه فقال تعالى عزَّ وجلَّ {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (٣)} (١)، فرتب الجزاء على العمل وعلق الحسب على التوكل تعليق الشرط بالمشروط، فعلم أن توكله هو سبب كونه حسبا له، وهذا ما فهمه الخليفة الراشد أمير المؤمنين علي -رضي اللَّه عنه- في الأثر السابق حيث ورد كما في التخريج أنه قال له منجِّم حين انصرف إلى أهل النهروان: لا تسر في هذه الساعة. . . .، فخالفه عليٌّ وانتصر فقال: "إنما أردت أن أبين للناس خطأه، وخشيت أن يقول جاهل إنما ظفر لكونه وافقه، ومنها: أنه لم يُرَ عمل مثله كما في رؤيا ابن سلام -رضي اللَّه عنه-، وأيده أثر وهب بن منبه من أنه الغاية القصوى، التي من ظفر بها فقد ظفر بالعبادة،


(١) سورة الطلاق، الآية (٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>