للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[التحليل والتعليق]

تضمن الأثران السابقان ذم الشرك، وبيان أنه أكبر الكبائر، وأبغض المعاصي إلى اللَّه، وهذه من أهم الأشياء التي يذم بها الشرك، وقد بيّن وجه ذلك ابن القيم رحمه اللَّه فقال: "من أعظم القسط التوحيد، بل هو رأس العدل وقوامه، وأن الشرك ظلمٌ كما قال تعالى: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (١٣)} (١)؛ فالشرك أظلم الظلم، والتوحيد أعدل العدل، فما كان أشد منافاة لهذا المقصود فهو أكبر الكبائر، وتفاوتها في درجاتها بحسب منافاتها له، وما كان أشد موافقة لهذا المقصود فهو أوجب الواجبات، وأفرض الطاعات، فتأمل هذا الأصل حق التأمل واعتبر به تفاصيله، تعرف به أحكم الحاكمين، واعلم العالمين فيما فرضه على عباده وحرمه عليهم، وتفاوت مراتب الطاعات والمعاصي، فلما كان الشرك باللَّه منافيا بالذات لهذا المقصود كان أكبر الكبائر على الإطلاق. . . " (٢)، وهو كذلك أبغض المعاصي إلى اللَّه كما في أثر عمر بن ذر وذلك أنه "لما كان أظلم الظلم، وأقبح القبائح، وأنكر المنكرات؛ كان أبغض الأشياء إلى اللَّه تعالى، وأكرهها له، وأشدها مقتا لديه، ورتب عليه من عقوبات الدنيا والآخرة ما لم يرتبه على ذنب سواه، وأخبر أنه لا يغفره، وأن أهله نجس، ومنعهم من قربان حرمه، وحرَّم ذبائحهم ومناكحتهم، وقطع الموالاة بينهم وبين


(١) سورة لقمان، من الآية (١٣).
(٢) الجواب الكافي (٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>