٥٩٦ - حدثني الفضل بن جعفر قال: حدثنا النضر بن شداد بن عطية قال: حدثني أبي شداد بن عطية قال: حدثنا أنس بن مالك قال: "دخلنا على عبد اللَّه بن مسعود نعوده في مرضه فقلنا له: كيف أصبحت يا أبا عبد الرحمن؟ قال: أصبحنا بنعمة اللَّه إخوانا، قلنا: كيف تجدك يا أبا عبد الرحمن؟ قال: أجد قلبي مطمئنا بالإيمان، قلنا: ما تشتكي أبا عبد الرحمن؟ قال: أشتكى ذنوبي وخطاياي، قلنا: ما تشتهي شيئا؟ قال: أشتهي مغفرة اللَّه ورضوانه، قلنا له: ألا ندعو لك طبيبا؟ قال: الطبيب أمرضني"(١).
[التحليل والتعليق]
تضمن أثر ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- جواز شهادة المرء على نفسه بالإيمان، واطمئنان قلبه بذلك، رغم شكواه من ذنوبه وخطاياه، ورجائه في مغفرة اللَّه ورضوانه، وفائدة هذا الأثر في هذه المسألة أن الشهادة على النفس بالإيمان في الحال، لا تنافي الخوف عليها من العاقبة، كما أنها لا تستلزم تزكية النفس مطلقا؛ لأن المراد به أصل الإيمان الذي في القلب، وهذا واضح كل الوضوح في أثر ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- الذي معنا، فإنه شهد على نفسه بالإيمان، لكن إيمان القلب بصريح عبارته:"أجد قلبي مطمئنا بالإيمان"، وفي نفس الوقت اشتكى ذنوبه ورجا ربه، وهذا يعني الاستثناء
(١) سبق (٣٠٧) في الجمع بين الخوف والرجاء من الباب الثاني.