للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[التحليل والتعليق]

تضمنت الآثار السابقة فضل معرفة اللَّه؛ وفضل الوسيلة الموصلة إليها وهي التفكر، واعتناء السلف بالتفكر والتدبر، واستعماله في الاستدلال على مسائل الإيمان، وذلك أن معرفة اللَّه هي أشرف وأفضل معلوم، ولذلك فضل علي -رضي اللَّه عنه- الحياة على الموت صغيرا، وعلَّلَها بتحصيل هذه المعرفة العظيمة؛ لأنه "على قدر المعرفة يكون تعظيم الرب تعالى في القلب، وأعرف الناس به أشدهم له تعظيما وإجلالا، وقد ذم اللَّه تعالى من لم يعظمه حق عظمته، ولا عرفه حق معرفته، ولا وصفه حق صفته" (١)، والمراد بها كما ذكره ابن القيم: "نوعان: معرفة إقرار: وهي التي اشترك فيها الناس البر والفاجر، والمطيع والعاصي، والثاني: معرفة توجب الحياء منه، والمحبة له، وتعلق القلب به، والشوق إلى لقائه، وخشيته والإنابة إليه، والأنس به، والفرار من الخلق إليه. . . ولهذه المعرفة بابان واسعان: باب التفكر والتأمل في آيات القرآن كلها، والفهم الخاص عن اللَّه ورسوله، والباب الثاني التفكر في آياته المشهودة، وتأمل حكمته فيها وقدرته. . ." (٢).

ولما كانت هذه منزلة المعرفة، كانت منزلة وسيلتها بالمكان الأسمى، فكانت أفضل العبادة، وقد بيّن ابن القيم -رحمه اللَّه- وجه كونها كذلك


(١) مدارج السالكين (٢/ ٤٩٥).
(٢) الفوائد (١٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>