للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بقوله: "لأن الفكرة عمل القلب، والعبادة عمل الجوارح، والقلب أشرف من الجوارح، فكان عمله أشرف من عمل الجوارح، وأيضا فالتفكر يوقع صاحبَه من الإيمان على ما لا يوقعه العمل المجرد" (١)، كما بيّن التدرج الذي يسير فيه المتفكر ليصل إلى أرفع الغايات فقال: "الخير والسعادة في خزانة مفتاحها التفكر؛ فإنه لا بد من تفكّرٍ، وعلم يكون نتيجة للتفكر، وحالٍ يحدث للقلب من ذلك العلم. . . وتلك الحال توجب له إرادة، وتلك الإرادة توجب وقوع العمل. . . فالفكر إذا هو المبدأ والمفتاح للخيرات كلها وهذا يكشف لك عن فضل التفكر وشرفه، وأنه من أفضل أعمال القلب وأنفعها" (٢).

ولما كان هذا فضل التفكر كان للسلف منه النصيب الأوفر كما جاء في بعض الآثار هنا من الاستدلال على النشأة الأخرى بالنشأة الأولى، وعلى البعث بالبعث بعد النوم، والتفكر في صفات اللَّه، في تساقط أوراق الشجر وهل يحصي اللَّه كل تلك الأوراق الكثيرة، والمطر والحبة في الأرض، وهذه الإشارات في مجرى التفكر ومتعلقة، جمعها ابن القيم وسبر طرقها فقال: "مجرى الفكر ومتعلقة أربعة أمور:

أحدها: غاية محبوبة مرادة الحصول، الثاني: طريق موصلة إلى تلك الغاية، الثالث: مضرة مطلوبة الإعدام، مكروهة الحصول، الرابع: الطريق


(١) مفتاح دار السعادة (١/ ٥٤٠).
(٢) المصدر السابق (١/ ٥٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>