يكن من عند اللَّه أصلها، وليس معها من قول اللَّه ما يصدّقها، النظر فيها هلكة، والجهالة بها عصمة، فاحذر على نفسك مشبَّهاتها، فإنها تدعو إلى موبقاتها، وحسبي اللَّه ونعم الوكيل، فقال المهدي لما وردت عليه الرسالة: ما سمعت كلمات أشهى إلى القلب، ولا أبلغ ولا أوجز منها، ثم كتب إلى جميع الأمصار ينهى أن يتكلّم أحد من أهل الأهواء في شيء منها" (١).
[التحليل والتعليق]
تضمن الأثر السابق منع الإمام المهدي أهل الأهواء أن يتكلموا فيها، وبعثه بذلك كتابا إلى الأمصار، وقد كانت هذه سيرة أئمة الإسلام وحكامهم مع أهل البدع، ولهم في ذلك مواقف مشهودة ومشهورة رحمهم اللَّه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وتجد الإسلام والإيمان كلما ظهر وقوي كانت السنة وأهلها أظهر وأقوى، وإن ظهر شيء من الكفر والنفاق ظهرت البدع بحسب ذلك، مثل دولة المهدي والرشيد ونحوهما، ممن كان يعظم الإسلام والإيمان، ويغزو أعداءه من الكفار والمنافقين، كان أهل السنة في تلك الأيام أقوى وأكثر، وأهل البدع أذلّ وأقلّ؛ فإن المهدي قتل من المنافقين الزنادقة من لا يحصى عدده إلا اللَّه. . . وكان المهدي من خيار خلفاء بني العباس، وأحسنهم إيمانا وعدلا وجودا، فصار يتتبع المنافقين الزنادقة كذلك. . . كانت البدع في القرون الثلاثة الفاضلة مقموعة، وكانت الشريعة أعز وأظهر وكان القيام بجهاد أعداء الدين من
(١) إسناده ضعيف، لجهالة الرجل القرشي المبهم، الإشراف (١٧١ - ١٧٢) رقم (١٤٦).