للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المسلكان لماتت الفتن في مهدها، ولوُئدت قبل استهلالها، ولهذا عقد العلماء في كتبهم عدة أبواب في لزوم البيوت في الفتن وذكروا النصوص الواردة فيه، فقد عقد الآجري باب فضل القعود في الفتنة عن الخوض فيها، وتخويف العقلاء على قلوبهم أن يهووا ما يكرهه اللَّه عزَّ وجلَّ، ولزوم البيوت والعبادة للَّه عزَّ وجلَّ وقال: "ليكون المؤمن العاقل يحتاط لدينه؛ فإن الفتن على وجوه كثيرة؛ قد مضى منها فتن عظيمة، نجا منها أقوام، وهلك فيها أقوام باتباعهم الهوى، وإيثارهم للدنيا، فمن أراد اللَّه تعالى به خيرا فتح له باب الدعاء، والتجأ إلى مولاه الكريم، وخاف على دينه، وحفظ لسانه، وعرف زمانه، ولزم الحجة الواضحة السواد الأعظم، ولم يتَلَوَّن في دينه، وعبد ربَّه عزَّ وجلَّ فترك الخوض في الفتنة؛ فإن الفتنة يفتضح عندها خلق كثير" (١)، قال القرطبي -بعد ذكره من اعتزل الفتنة من الصحابة والتابعين-: "هذا وكانت تلك الفتنة والقتال بينهم على الاجتهاد منهم، فكان المصيب منهم له أجران، والمخطئ له أجر، ولم يكن قتال على الدنيا، فكيف اليوم الذي تسفك فيه الدماء باتباع الهوى، طلبا للملك والاستكثار من الدنيا، فواجب على الإنسان أن يكف اليد واللسان عند ظهور الفتن، ونزول البلايا والمحن" (٢)، وكلما كان المسلم أعلم بهذه النصوص كان أقرب إلى العصمة من الوقوع في الفتن، وهذا ما حصل لمن


(١) الشريعة (١/ ٥٠)، وانظر السنن الواردة في الفتن (١/ ٣٦٣).
(٢) التذكرة (٦٢٩) تحت باب الأمر بلزوم البيوت.

<<  <  ج: ص:  >  >>